وفي العقود الأخيرة خاصة ظهرت بواكير عودة صادقة إلى الإسلام الكامل والتخلص من أثار الغزو الحضاري الكافر وتمثل ذلك في شباب فتحوا أعينهم على أمة منهارة متطاحنة تعاني أمراضاً مزمنة في كل منحى ومجال.
أمة ترضى من دينها إلى الانتساب الاسمي بلا عمل ولا جهاد ولا دعوة، وتلقي مسؤولية كل عجز ومرض وتخلف وذل على تخطيط الأعداء ومؤامرات الاستعمار.
ثم وقعت في السنوات الأخيرة أحداث كبرى على الساحة الإسلامية أثبتت الفراغ العقدي الهائل الذي يسيطر على الأمة، والفوضى الرهيبة التي يعاني منها الشباب في التصورات والسلوك.
لقد استطعنا - نحن شباب الإسلام - أن نكسر طوق الولاء المطلق للغرب، وأن نرفض حضارته الزائفة إلى حد لا بأس به وعرفنا الكثير من عدونا وخططه ومؤامراته، لكننا حتى الآن لم نعرف حقيقة من نحن؟ وفي أي طريق نسير؟
نردد: إنا مسلمون وفي طريق الإسلام نسير ... ولكن أقدامنا تصطدم بصخور وركام أنتجتها قرون طويلة من الضلالات والانحرافات.
وعلينا لكي نرتقي بأنفسنا وأمتنا أن نجتاز عقبة شائكة يعترضها ثلاث وسبعون طريقاً، الطريق المنجي منها طريق واحد فقط وما عداه مهلكة، وهذا الطريق الوحيد هو منهج أهل السنة والجماعة الذي نجزم عن دين ويقين أنه منهج الفرقة الناجية الذي لا يقبل الله سواه.
وإن تعجب فاعجب لكون النظرة الغالبة على كثير من شباب الدعوة الإسلامية اليوم هو أن عقيدة أهل السنة والجماعة لا تعدوا أن تكون تصورات نظرية صحيحة لعالم الغيب وقضايا الاعتقاد وليست - مع ذلك - منهجاً للدعوة والإصلاح والتغيير!!
ويجب أن نعترف بأن السبب في هذا الفهم القاصر هو حملة العقيدة - قبل كل شيء - الذين لم يوضحوا معالمها ويكشفوا عن كمالها الذي هو حقيقة كمال الإسلام نفسه.
ولهذا رأيت من واجبي - وقد وفقني الله لأن أتربى على هذه العقيدة وأعرف حقيقتها العلمية وأتمثل منهجها العملي مستوحى من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ووقائع الدعوات التجديدية السنية - أن أسخر حياتي العلمية لهذا الأمر العظيم.
وقد بدأت ذلك برسالة "التخصص الأولى" التي كان موضوعها: