للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" والمصدق لهذا: جهاد أبي بكر الصديق - رحمه الله تعالى - بالمهاجرين والأنصار على منع الزكاة، كجهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الشرك سواء، لا فرق بينهما في سفك الدماء وسبي النساء واغتنام المال، فإنما كانوا مانعين لها غير جاحدين بها " (١) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " والصحابة لم يقولوا: أأنت مقر لوجوبها أو جاحداً لها؟ هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة، بل لقد قال الصديق لعمر رضى الله عنه: والله لو منعوني عقالاً أو عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب، وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعاً سيرة واحدة، وهي قتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم والشهادة على قتلاهم بالنار، وسموهم جميعاً أهل الردة " (٢)

وهذه المعاملة في القتال هي أشد أنواع معاملة المنتسبين للإسلام ممن يجب قتاله أو يجوز؛ لأنه قتال ردة، وكل قتال دونه فهو دون ذلك من المعاملة، حتى إن الخوارج الذين تواترت النصوص في قتالهم بأعينهم وصفاتهم الجلية - كان حكم الصحابة فيهم ومعاملتهم لهم ألا يتبع من أدبر منهم، ولا يجهز على جريح، ولا تسبي نسائهم، أو تخمس أموالهم.

قال شيخ الإسلام: " وأما قتال مانعي الزكاة - إذا كانوا مانعين عن أدائها بالكلية أو عن الإقرار بها - فهو أعظم من قتال الخوارج " (٣)

ومن الأدلة على فساد مذهب المرجئة في أن تارك العمل لا يكفر: أن من دخلت عليه شبهة الإرجاء من الفقهاء وشراح كتب السنة - لما لم يجعلوا قتال الصديق والصحابة لهم قتال ردة وكفر، جعلوه من باب قتال البغاة، ومنهم من يسمي


(١) لإيمان لأبي عبيد، صلى الله عليه وسلم ٥٧ / من مجموع الرسائل الأربع التي حققها الشيخ الألباني.
تنبيه: انظر دلالة الآيات الصريحة على أن إيتاء الزكاة شرط في عصمة الدم وثبوت الأخوة في الدين وكيف فهما الصحابة والسلف وفسروها، بل وعملوا بها مجمعين على ما أقسم عليه صديقهم " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة " وقالوا " لو أطعنا أبو بكر كفرنا " وقاتلوهم هذه المقاتلة التي فسرها السلف كما ترى، ثم انظر معه ما جاء فى تقديم رسالة حكم تارك الصلاة، صلى الله عليه وسلم ١٥ " وإن قيل: ليس أخا في الدين!! قلنا: هذا باطل من القول بيقين ليس عليه أى دليل "
(٢) الدرر السنية (٨ / ٣٥)
(٣) منهاج السنة (٤ / ٥٠١)

<<  <   >  >>