للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتال أهل القبلة بكل أنواعه قتال بغاة (١) ، فكأن الصديق إنما قاتلهم لامتناعهم عن دفع الزكاة إليه، وهو إمام المسلمين وبيده بيت المال، والرد على هؤلاء واضح من وجوه:

أنه لم يثبت أن امتناعهم مخصوص بأدائها إلى الإمام، بل الثابت بالنصوص الصحيحة امتناعهم عند أدائها مطلقا، أما ما ذكر من امتناع بعضهم هذا الامتناع المخصوص، فغايته إن ثبت أن تكون فئة منهم كذلك وليس عامتهم، والحكم إنما هو للأغلب والأعم.

أن وصفهم بالردة والكفر بإطلاق - كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة - يدل على الامتناع المطلق لا على ما ذكروا.

أن هذه المعاملة الشديدة لهم ومساوتهم بأصحاب مسيلمة والأسود ونحوهما لا تناسب إلا الامتناع المطلق.

أن هؤلاء الفقهاء والشراح لا يلتزمون الحكم على من لم يدفع الزكاة للإمام بالكفر والردة ووجوب قتاله ومساواته بمدعي النبوة إلى أخر ما فعل الصحابة، بل غاية حكمه عن بعضهم جواز مقاتلته قتال بغي لا قتال ردة، فهم إما أن يقروا بأن المناط مختلف - وهو الصحيح - وإما أن يلتزموا مخالفة إجماع الصحابة، وهو تناقض!!


(١) قتال أهل القبلة المشروع أنواع، يجمعها كلها قوله صلى الله عليه وسلم: " التارك لدينه المفارق للجماعة " لأن استقراء النصوص يدل على أن الجماعة لها معنيان:
أ- المعنى العام؛ وهو الدين والسنة فمن خرج عنه خرج إلى الكفر والبدعة.
ب- والمعنى الخاص؛ هو مجتمع المسلمين الذي يرأسه إمام شرعى، فمن خرج عنه فهو باغ أو محارب. وتفصيل هذه الأنواع كما يلى:
قتال الردة: وهو قتال الطائفة الممتنعة عن الألتزام بشعيرة من شعائر الإسلام أو حكم من أحكام الشريعة الثابتة،مثل مانعى الزكاة،وكالتتار الذين أصدر فيه شيخ الإسلام فتواه المشهورة التي جمع الله بها الأمة، أما تارك الصلاة فردا أو جماعة، فليس من أهل القبلة أصلا، وقتالهم أولى وأوجب، وكونه قتال ردة لا يجوز الخلاف عليه.
قتال الخوارج وهو كما ذكرنا أعلاه، وهو في الحقيقة أصل في قتال اهل البدع كافة.
وهذان النوعان خارجان عن الجماعة بمفهومهما العام والخاص.
قتال البغاة: وهم الخارجون عن الجماعة بمفهومها الخاص - بتأويل واجتهاد، وهو أصحاب شبة لا أصحاب بدعة.
قتال المحاربين: وهم من جنس البغاة، إلا أنهم أصحاب شهوة لا شبه فهم ليسوا خارجين على الجماعة بإطلاق، بل على أمن الجماعة، مثل قطاع الطريق وعصابات الفساد.
أما النوع الآخر الذي لا شرعية له:
قتال الفتنة: وهو الذي ثبتت السنة في النهي فن الدخول فيه وهو كل قتال بين المسلمين على الملك أو الدنيا أو العصبية أو نحوها.
ومن هنا كان قوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ ... ... " إلخ من جوامع الكلم.

<<  <   >  >>