للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزكاة والصيام والحج، ويعيش وهو لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلي بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح (١)

ثم ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على الامتناع عن الطاعة إنما هو من صفات الكفار لا المسلمين، وألزم المفرقين بين جاحد الوجوب والتارك بإلزام قوي وحجة برهانية؛ فقال: " وأما الذين لم يكفروا بترك الصلاة ونحوها، فليست لهم حجة إلا وهى متناولة للجاحد كتناولها للتارك، فما كان جوابهم على الجاحد كان جوابا لهم عن التارك " (٢) .

وذلك أن النصوص لم تفرق، والصحابة رضى الله عنهم لم يفرقوا - كما فصلنا ذلك من قبل، وسنزيده وضوحا إن شاء الله في الصفحات التالية.

والمقصود هنا أن شيخ الإسلام رحمه الله نصر القول بكفره باطنا، وفند شبهات القائلين بخلافه في بقية كلامه.

وأوضح أن من عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب " (٣) .

وأن من إجراء الأحكام الظاهرة عليه أمر آخر - كما هو الشأن في المنافقين، وكذلك في المتأولين الذين يعتقدون عقيدة هي كفر، ولكن إجراء الحكم الظاهر عليهم له شروط (إقامة الحجة والاستتابة) ، وقال:

" وبهذا تزول الشبهة في هذا الباب، فإن كثير من الناس، بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس، وهم تاركيها بالجملة بل يصلون أحيانا ويدعون أحياناً، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجرى عليهم أحكام الإسلام الظاهر في المواريث ونحوها من الأحكام إذا جرت على المنافق المحض كابن أبي وأمثاله من المنافقين، فلأن تجرى على هؤلاء أولى وأحرى (٤) .

وختم كلامه بقوله: " وبالجملة فاصل هذه المسائل أن تعلم أن الكفر نوعان: كفر ظاهر وكفر نفاق، فإذا تكلم في أحكام الآخرة كان حكم المنافق حكم الكفار، وأما في أحكام الدنيا فقد تجرى على المنافق أحكام المسلمين.


(١) ٧ / ٦١٠ - ٦١١)
(٢) ص ٦١٣ - ٦١٤.
(٣) ص ٦١٦
(٤) ص٦١٧

<<  <   >  >>