للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابه ينفقون بالليل والنهار سرا وعلانية في نوائب الحق، ويسارعون فيما لا يتعين عليهم، ويتنافسون فيه مثلما كانوا يبادرون إلى صلاة التطوع ويحرصون عليها سواء.

فمن تأمل حالهم ومجموع النصوص في الباب - لم يرد منها حديثا أو يصعب عليه توجيهه وفهمه، وأما من التزم طريقة أكثر الفقهاء المتأخرين، فلابد أن يرد البعض، أو يخطئ في توجيهه، أو يتعسف في تخريجه، كقولهم أن هذا مخالف للأصول، وأنه منسوخ نزل قبل تحديد الأنصبة، ونحو ذلك مما هو إلى الظن أقرب، والله أعلم.

ولنعد إلى أصل موضوعنا عن الحقيقة المركبة، فنقول:

في كتاب الإيمان الأوسط (١) ، والذي هو في الحقيقة شرح مستفيض لحديث جبريل عليه السلام فصل شيخ الإسلام القول في هذا، وأظهر - بما لا يدع ريبة ولا شكا - حقيقة الإيمان المركبة، وكفر من ترك العمل الظاهر، بل كفر من ترك الالتزام بأحد الأركان الأربعة؛ الصلاة والزكاة والصوم والحج، وعزم على ألا يفعلها (٢) ؛ فإنه رحمه الله قال: " وأما الفرائض الأربع (يعني ما عدا الشهادتين) فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر، وكذلك من جحد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواترة وتحريمها. . . ".

ثم قال: " وهذه المسألة لها طرفان:

أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر.

والثاني: في إثبات الكفر الباطن.

فأما الطرف الثاني فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولاً وعملاً كما تقدم، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة


(١) هو مجموع الفتاوى (٧ / ٤٦١ - ٦٤١)
(٢) انظر من صلى الله عليه وسلم ٦١٠ حتى٦٢١ مع ما ذكر صلى الله عليه وسلم ٢١٠، ٢١٨ - ٢١٩ وسنأتي على معظمه في ثنايا الفصول الآتية.

<<  <   >  >>