للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن لهذه العبارة قرينة وضميمة ما كنت لأوردها هنا لولا أن محدث العصر الشيخ الألباني - حفظة الله - استشهد بكلام لقائلها (١) متضمنا الخطأ نفسه في فهم العبارة السابقة، وأقره عليه بل أثنى على كلامه، وإلا فموضعها مبحث الشبهات النقلية لأن بعضهم جعلها حديثا " (٢) .

وهذه العبارة هي: "لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه".

قال الإمام الطحاوى - رحمه الله - في استدلاله على أن تارك الصلاة لا يكفر: " والدليل على ذلك أنا نأمره أن يصلى ولا نأمر كافرا أن يصلى، ولو كان بما كان منه كافرا لأمرناه بالإسلام فإذا أسلم أمرناه بالصلاة.

وفى تركنا لذلك وأمرنا إياه بالصلاة ما قد دل على أنه من أهل الصلاة، ومن ذلك أمر النبى صلى الله عليه وسلم الذي أفطر في رمضان متعمدا بالكفارة التي أمره بها وفيها الصيام ولا يكون الصيام إلا من المسلمين.

ولما كان الرجل يكون مسلما إذا أقر بالإسلام قبل أن يأتى بما يوجبه الإسلام من الصلوات الخمس ومن صيام رمضان، كان ذلك ويكون كافرا بجحوده لذلك ولا يكون كافرا إلا من حيث كان مسلما، وإسلامه كان بإقراره بالإسلام فكذلك ردته لا تكون إلا بجحود الإسلام (٣) !!

وهذا الكلام يستحق ما قاله شيخ الإسلام فى كلام القاضى أبى يعلى المشابه له "زلة منكرة وهفوة عظيمة" (٤) .

وإنما قاله تبعا لمذهب المرجئة الحنفية الذين يقولون إن الإيمان هو التصديق والإقرار والكفر هو ضد ذلك وهو التكذيب والجحود أى جحود الإقرار كما سبق تفصيل مذهبهم (٥) .


(١) وهو الإمام أبو جعفر الطحاوى، انظر شرح العقيدة الطحاوية، ص٤٥٨، والطحاوى - رحمه الله - حنفى وقد ظهر أثر ذلك فى تلبسه بالإرجاء فى عقيدته مثل قوله:"وأهله فى أصله سواء" وقد سبق الحديث عنها، ومثل هذه العبارة.
(٢) انظر الإحياء وشرحه للزبيدى (٥/٢٤٤) والغزالى نقلها عن صاحب قوت القلوب، واللفظ عنده هو "لا يكفر أحد إلا بجحود ما أقر به".
(٣) مشكل الآثار (٤/٢٢٨) ، وص٤٨ من رسالة الشيخ.
(٤) الصارم المسلول، ص٥١٥.
(٥) والشيخ حفظه الله من أشد الناس نفورا وتنفيرا من تقليد الحنفية فى الفروع فكيف وهذه من الأصول؟

<<  <   >  >>