ولو وقفنا على ما فى هذا الكلام تفصيلا لطال المقام لكننا نكتفى ببيان الخطأ الأكبر فيه وهو أنه لا يخرج أحد من الإسلام إلا بترك الإقرار لأنه يدخل في الإسلام بالإقرار فكيف يخرج منه بغير ما دخل به فيه؟!
ومعنى ذلك أن من لم يجحد الشهادتين لا يكفر مطلقا لا باعتقاد ولا بعمل بل هو من أهل ذلك الركن الذى جحد أو ترك ألا تراه يقول فى تارك الصلاة:"وفى تركنا لذلك وأمرنا إياه بالصلاة ما قد دل على أنه من أهل الصلاة"!!
ولازم ذلك وطرده أن يقال: من كفر بالقرآن مع إقراره بالشهادتين فإن دعوتنا إياه للإيمان بالقرآن وتركنا دعوته للشهادتين دليل على أنه من أهل القرآن!!
وقل مثل ذلك فيمن كفر بالملائكة أو الجنة أو النار.. وغيرها من أمور الاعتقاد.
وفى العمل: يلزم منه أن الصحابة قد أخطئوا أو ضلوا حين سموا تاركي الزكاة كفارا ومرتدين وقاتلوهم على ذلك لأنهم حسب كلامه مسلمون من أهل الزكاة!! وهكذا.
وهذا لا يشك فى خطئه بل بطلانه لمن قراءه فضلا عمن تأمله وذلك أن القول بأن من تكلم بالشهادتين لا يكفر إلا بترك الإقرار بهما هو نوع من الإرجاء الغالي المذموم جدا عند السلف والذى لا يفوقه غلوا إلا إرجاء الجهمية أى اشتراط ترك الإقرار القلبى الذى هو التصديق عندهم، وكلاهما معلوم الفساد والبطلان بالاضطرار من الدين، وقد ذكر شيخ الإسلام: إن كل من تأمل كلام هؤلاء المرجئة يعلم بالاضطرار "أنه لو قدر أن قوما" قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك (أى لم يجحدوا الوجوب) ونقر بألسنتنا بالشهادتين (أى لم يجحدوا الإقرار) إلا أنا لا أطيعك فى شئ مما أمرت به ونهيت عنه فلا نصلى ولا نصوم ولا نحج ونصدق الحديث ولا نؤدى الأمانة ولا نفى بالعهد ولا نصل الرحم ولا نفعل شيئا" من الخير الذى أمرت به (أى نترك جنس العمل) ، ونشرب الخمر وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك ونأخذ أموالهم بل نقتلك أيضا ونقاتل مع أعدائك (أى يفعلون جنس المحرم مطلقا) هل كان يتوهم عاقل أن النبى صلى الله عليه وسلم يقول لهم "أنتم مؤمنون كاملو الإيمان وأنتم من أهل شفاعتى يوم القيامة ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار؟