(٢) حكم تارك الصلاة، ص٤٨، ثم قال الشيخ: "وهو يلتقى تماما مع ما تقدم من كلام الإمام أحمد - رحمه الله - الدال على أنه لا يكفر لمجرد الترك بل بامتناعه عن الصلاة بعد دعائه إليها". ونقول - إنه بقطع النظر عن أن الثابت عن الإمام أحمد هو تكفير التارك وقد نقلناه فى أول هذا الباب: فإن هذا لا يلتقى معه لأن الطحاوى لا يكفر بالامتناع من الصلاة بل بالامتناع من الإقرار، لاحظ قوله: "ولا يكون كافرا" إلا من حيث كان مسلما وإسلامه كان بإقراره بالإسلام فلذلك ردته لا تكون إلا بجحوده الإسلام"، تجد ذلك جليا، وإذ قد خفى على الشيخ حفظه الله فلا عجب أن يخفى عليه أن استدلاله بحديث الكفارة فى الصيام لا وجه له بل هو خارج عن الموضوع لأن موضوع البحث هو ترك الفريضة من صلاة أو صيام وهذا شئ وارتكاب ما يبطلها شئ آخر فهو كما لو أن إنسانا" أحدث أو تلكم فى الصلاة فتأمل. تنبيه: من كفر بترك شئ من الأعمال التي تركها كفر أو جحد شيئا" من الاعتقادات التي يكفر جاحدها فإنه يدعى إلى ذلك العمل أو الاعتقاد ويستتاب من تركه أو جحده ولا نحكم بإسلامه إلا إذا فعل ذلك، فإذا كفر بترك الصلاة فإن إسلامه يكون بأدائها، وإذا كفر بجحد البعث أو الجنة أو النار فإن إسلامه يكون بالإسلام بها، وهكذا. كما فعل الصحابة رضى الله عنهم مع تاركى الزكاة وكما نص كل الفقهاء فى مسألة الممتنع عن شئ من الشراع لظاهرة فإنهم أوجبوا قتاله حتى يلتزم بما امتنع عنه، لا بالشهادتين إذ هو مقر بها من قبل، "قلت: منها قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث أنس الطويل فى الشفاعة أيضا" فيقال: "يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل واشفع فأقول: يا رب ائذن لى فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول: وعزتى وجلالى وكبريائى وعظمتى لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله" وشرح ذلك فى نهاية المبحث ص٢٣- ٣٤. ولخطورة هذا الأمر وأهميته ولما للشيخ حفظه الله من قبول واتباع عند عامة المعاصرين من أهل السنة ولمواضع أخرى مشابهة فى الرسالة - رأيت أن أقترح على فضيلته ما كتبته فى آخر مبحث حديث الجهميين الآتى وأرجو أن يتقبله بصدر رحب.