للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ومن ذلك الجزاء عن الفعل بمثل لفظه والمعنيان مختلفان:]

نحو قول الله تعالى: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: ١٤، ١٥] ، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء.

وكذلك: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [التوبة: ٧٩] ، وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ [آل عمران: ٥٤] ، وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى: ٤٠] ، هي من المبتدئ سيئة، ومن الله، جل وعز، جزاء.

وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ [البقرة: ١٩٤] :

فالعدوان الأول: ظلم، والثاني: جزاء، والجزاء لا يكون ظلما، وإن كان لفظه كلفظ الأول.

ومنه

(قول النبي) صلّى الله عليه وسلم: «اللهم إنّ فلانا هجاني، وهو يعلم أني لست بشاعر، اللهم والعنه عدد ما هجاني، أو مكان ما هجاني» «١»

، أي جازه جزاء الهجاء.

وكذلك قوله: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة: ٦٧] .

[ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير:]

كقوله سبحانه: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة: ١١٦] ، وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) [طه: ١٧] ، وماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص: ٦٥] ، قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ [الأنبياء: ٤٢] .

[ومنه أن يأتي على مذهب الاستفهام وهو تعجب:]

كقوله: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) [النبأ: ١، ٢] ، كأنه قال: عمّ يتساءلون يا محمد؟ ثم قال: عن النبأ العظيم يتساءلون.

وقوله: لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) [المرسلات: ١٢] على التعجب، ثم قال: لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) [المرسلات: ١٣] أجّلت.


وجمهرة أشعار العرب ص ٧٠٣، وتاج العروس (أم) ، (هوى) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٦/ ٤٩٢، ١٤/ ٢٧٤، والمخصص ١٢/ ١٨٢، ولسان العرب (هبل) .
(١) أخرجه ابن أبي حاتم الرازي في علل الحديث ٢٢٨٣، والطحاوي في مشكل الآثار ٤/ ٣٠٠، ٣٢٤، والجرح والتعديل ٢٣/ ٢، ٣٩١، والبخاري في التاريخ الكبير ٤/ ١، ٤٤، ٣/ ٢/ ٣٩١، والعقيلي في الضعفاء ٣٥٥، والذهبي في تاريخ الإسلام ٤/ ٢٧٧، والمزي في تهذيب الكمال ٤٤٦، وميزان الاعتدال ٣/ ٦١/ ٣١٧، وتهذيب التهذيب ٧/ ١٦٥، ٨/ ٢١٨.

<<  <   >  >>