يقول هذا المشركون يوم القيامة لقرنائهم من الشياطين: إنكم كنتم تأتوننا عن أيماننا، لأن إبليس قال: لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ [الأعراف: ١٧] فشياطينهم تأتيهم من كل جهة من هذه الجهات بمعنى من الكيد والإضلال.
وقال المفسرون: فمن أتاه الشيطان من جهة اليمين: أتاه من قبل الدّين فلبّس عليه الحق.
ومن أتاه من جهة الشمال: أتاه من قبل الشّهوات.
ومن أتاه من بين يديه: أتاه من قبل التّكذيب بيوم القيامة والثواب والعقاب.
ومن أتاه من خلفه: خوّفه الفقر على نفسه وعلى من يخلّف بعده، فلم يصل رحما، ولم يؤدّ زكاة. فقال المشركون لقرنائهم: إنكم كنتم تأتوننا في الدنيا من جهة الدّين، فتشبّهون علينا فيه حتى أضللتمونا. فقال لهم قرناؤهم: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الصافات: ٢٩] أي: لم تكونوا على حق فنشبّهه عليكم ونزيلكم عنه إلى باطل. وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ [الصافات: ٣٠] ، أي: قدرة فنقهركم ونجبركم بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١)[الصافات: ٣٠، ٣١] نحن وأنتم العذاب فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢)[الصافات: ٣٢] يعني بالدعاء والوسوسة.