للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٣] ، أي: انقاد له وأقرّ به المؤمن والكافر.

ومن الإسلام: متابعة وانقياد باللسان والقلب، ومنه قوله حكاية عن إبراهيم:

قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [البقرة: ١٣١] . وقوله: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ [آل عمران: ٢٠] أي: انقدت لله بلساني وعقدي.

والوجه زيادة. كما قال: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: ٨٨] ، يريد: إلا هو. وقوله: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ [الإنسان: ٩] ، أي لله. قال زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية «١» :

أسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبا زلالا

أي: انقادت له المزن.

٢١- الإيمان

الإيمان: هو التصديق. قال الله تعالى: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا أي: بمصدّق لنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ [يوسف: ١٧] وقال: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا [غافر: ١٢] ، أي: تصدّقوا. والعبد مؤمن بالله، أي مصدّق. والله مؤمن: مصدّق ما وعده، أو قابل إيمانه. ويقال في الكلام: ما أومن بشيء مما تقول أي ما أصدّق به.

فمن الإيمان: تصديق باللسان دون القلب، كإيمان المنافقين. يقول الله تعالى:

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا [المنافقون: ٣] ، أي آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم. كما كان من الإسلام انقياد باللسان دون القلب.

ومن الإيمان: تصديق باللسان والقلب. يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) [البينة: ٧] ، كما كان من الإسلام انقياد باللسان والقلب.

ومن الإيمان: تصديق ببعض وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) [يوسف: ١٠٦] ، يعني مشركي العرب، إن سألتهم من خلقهم؟ قالوا: الله، وهم مع ذلك يجعلون له شركاء. وأهل الكتاب يؤمنون ببعض


(١) البيت من المتقارب، وهو لزيد بن عمرو بن نفيل في تفسير الطبري ١/ ٣٩٣، والمعارف ص ٢٧، ومجمع البيان ١/ ١٨٧، والأغاني ٣/ ١٧.

<<  <   >  >>