للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٤- الروح

الرّوح والرّيح والرّوح: من أصل واحد اكتنفته معان تقاربت، فبني لكلّ معنى اسم من ذلك الأصل، وخولف بينها في حركة البنية.

والنّار والنّور من أصل واحد، كما قالوا: الميل والميل، وهما جميعا من مال.

فجعلوا الميل- بفتح الباء- فيما كان خلقة فقالوا: في عنقه ميل، وفي الشجرة ميل.

وجعلوا الميل- بسكون الياء- فيما كان فعلا فقالوا: مال عن الحق ميلا، وفيه ميل عليّ، أي تحامل.

وقالوا: اللّسن واللّسن واللّسن، وهذا كله من اللسان، فاللّسن: جودة اللّسان.

واللّسن: العذل واللوم. ويقال: لسنت فلانا لسنا: أي عذلته، وأخذته بلساني.

واللّسن: اللّغة. يقال: لكلّ قوم لسن.

وقالوا: حمل الشجرة- بفتح الحاء- وحمل المرأة- بفتح الحاء- وقالوا لما كان على الظهر: حمل، والأصل واحد.

في أشباه لهذا كثيرة. وقد ذكرنا منها طرفا في صدر الكتاب.

وأما الرّوح: فروح الأجسام الذي يقبضه الله عند الممات.

والرّوح: جبريل عليه السلام. قال الله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ [الشعراء: ١٩٣، ١٩٤] ، يعني جبريل. وقال: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [البقرة: ٢٥٣] ، أي بجبريل.

والرّوح- فيما ذكر المفسرون-: ملك عظيم من ملائكة الله يقوم وحده فيكون صفا وتقوم الملائكة صفّا قال: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا [النبأ: ٣٨] ، وقال عز وجل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: ٨٥] .

ويقال للملائكة: الرّوحانيّون، لأنهم أرواح، نسبوا إلى الرّوح- بالألف والنون- لأنها نسبة الخلقة، كما يقال: رقبانيّ وشعرانيّ.

والرّوح: النّفخ، سمّي روحا لأنه ريح تخرج عن الرّوح. قال ذو الرّمة وذكر نارا قدحها «١» :

فلمّا بدت كفّنتها وهي طفلة ... بطلساء لم تكمل ذراعا ولا شبرا


(١) الأبيات من الطويل، وهي في ديوان ذي الرمة ص ١٤٢٨- ١٤٢٩، والبيت الأول في لسان العرب

<<  <   >  >>