فإذا أقام الوليان مقام الذّمّيين لليمين، حلفا بالله لقد ظهرنا على خيانة الذميين وكذبهما وتبديلهما، وما اعتدينا عليهما، ولَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما أي: أصحّ لكفرهما وإيماننا.
فإذا حلف الوليان على ما ظهرا عليه، رجع على الذّمّيين بما اختانا، ونقض ما مضى عليه الحكم بشهادتهما.
ثم قال سبحانه: ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أي: هذا الحكم أقرب بهم إلى أن يأتوا بالشهادة على وجهها، يعني أهل الذمة أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ على أولياء الميت بَعْدَ أَيْمانِهِمْ فيحلّفوا على خيانتهم وكذبهم، فيفضحوا، أو يغرّموا.
وأكثر العلماء يذهب إلى أن هذا باب من الحكم (محكم) وأنه لم ينسخ من سورة المائدة شيء، لأنها آخر ما نزل.
هذا مثل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه، فقال قبل المثل: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم: ٢٧] يريد: إعادته على المخلوق أهون من ابتدائه، لأنه ابتدأه في الرحم نطفة، وعلقة، ومضغة، وإعادته تكون بأن يقول له:
كُنْ فَيَكُونُ [الأنعام: ٧٣] فذلك أهون على المخلوق من النشأة الأولى. كذلك قال ابن عباس في رواية أبي صالح.
وإن جعلته لله، جعلت أهون بمعنى: وهو هيّن عليه، أي سهل عليه.
وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى [الروم: ٢٧] يعني: شهادة أن لا إله إلا الله.