وإذا صار القمر في آخر منازله دقّ حتى يعود كالعرجون القديم وهو العذق اليابس. والعرجون إذا يبس دقّ واستقوس حتى صار كالقوس انحناء، فشبّه القمر به ليلة ثمانية وعشرين.
ثم قال سبحانه: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ يريد: أنهما يسيران الدّهر دائبين ولا يجتمعان، فسلطان القمر بالليل، وسلطان الشمس بالنهار، ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه، وبطل سلطانه، ودخل النهار على الليل.
يقول الله جل وعز حين ذكر يوم القيامة: وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)[القيامة: ٩] وذلك عند إبطال هذا التدبير، ونقض هذا التأليف.
وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ يقول: هما يتعاقبان، ولا يسبق أحدهما الآخر: فيفوته ويذهب قبل مجيء صاحبه.
وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ أي: يجرون، يعني الشمس والقمر والنجوم.
هذا يقال في يوم القيامة للمكذبين، وذلك أن الشمس تدنو من رؤوس الخلائق، وليس عليهم يومئذ لباس، ولا لهم كنان، فتلفحهم الشمس وتسفعهم وتأخذ بأنفاسهم، ومدّ ذلك اليوم عليهم وكربه، ثم ينجّي الله برحمته من يشاء إلى ظلّ من ظلّه، فهناك يقولون: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧)[الطور: ٢٧] ويقال للمكذبين