للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدٌ فَهَدَمَهُ! فَهَلْ امْتَنَعَ شَيْءٌ مِنْهُمْ؟ قال الثقفي: إن الربة لا تشبه شيئا مما ذكرت. قال عثمان: سترى! وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمّ خَرَجُوا وَقَدْ تَحَكّمَ أَبُو مُلَيْحٍ بْنُ عُرْوَةَ، وَقَارِبُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَهُمَا يُرِيدَانِ يَسِيرَانِ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْمُغِيرَةِ إلَى هَدْمِ الرّبّةِ،

فَقَالَ أَبُو مُلَيْحٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ أَبِي قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، مِائَتَا مِثْقَالِ ذَهَبٍ، فَإِنْ رَأَيْت أَنْ تَقْضِيَهُ مِنْ حُلِيّ الرّبّةِ فَعَلْت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ. فَقَالَ قَارِبُ بْنُ الْأَسْوَدِ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَعَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ أَبِي، فَإِنّهُ قَدْ تَرَكَ دَيْنًا مِثْلَ دَيْنِ عُرْوَةَ. فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الْأَسْوَدَ مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ. فَقَالَ قَارِبٌ: تَصِلُ بِهِ قَرَابَةً، إنّمَا الدّيْنُ عَلَيّ وَأَنَا مَطْلُوبٌ بِهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذًا أَفْعَلُ.

فَقَضَى عَنْ عُرْوَةَ، وَالْأَسْوَدِ، دَيْنَهُمَا مِنْ مَالِ الطّاغِيَةِ. وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُغِيرَةُ وَأَصْحَابُهُمَا لِهَدْمِ الرّبّةِ، فَلَمّا دَنَوْا مِنْ الطّائِفِ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: تَقَدّمْ فَادْخُلْ لِأَمْرِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: بَلْ تَقَدّمْ أَنْتَ عَلَى قَوْمِك! فَتَقَدّمَ الْمُغِيرَةُ، وَأَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ بِمَالِهِ ذِي الْهَرْمِ [ (١) ] ، وَدَخَلَ الْمُغِيرَةُ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا يَهْدِمُونَ الرّبّةَ. فَلَمّا نَزَلُوا بِالطّائِفِ نَزَلُوا عِشَاءً فَبَاتُوا، ثُمّ غَدَوْا عَلَى الرّبّةِ يَهْدِمُونَهَا. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِأَصْحَابِهِ الّذِينَ قَدِمُوا مَعَهُ: لَأُضْحِكَنّكُمْ الْيَوْمَ مِنْ ثَقِيفٍ. فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَاسْتَوَى عَلَى رَأْسِ الرّبّةِ وَمَعَهُ الْمِعْوَلُ، وَقَامَ وَقَامَ قَوْمُهُ بَنُو مُعَتّبٍ دُونَهُ، مَعَهُمْ السّلَاحُ مَخَافَةَ أَنْ يُصَابَ كَمَا فُعِلَ بِعَمّهِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: كَلّا! زَعَمْت تُقَدّمُنِي أَنْتَ إلَى الطّاغِيَةِ، تُرَانِي لَوْ قُمْت أهدمها كانت بنو معتّب تقوم


[ (١) ] هو موضع بقرب الطائف، كما ذكر البكري. (معجم ما استعجم، ص ٨٣٠) .