للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آتِيَك بِهِمْ إنْ شَاءَ اللهُ، فَتَرَى فِيهِمْ رَأْيَك أَوْ يُسْلِمُوا. فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا مِنْ الْعَرَبِ، لَيْسَ فِيهَا مُهَاجِرٌ وَاحِدٌ وَلَا أَنْصَارِيّ، فَكَانَ يَسِيرُ بِاللّيْلِ وَيَكْمُنُ لَهُمْ بِالنّهَارِ، خَرَجَ عَلَى رَكُوبَةٍ [ (١) ] حَتّى انْتَهَى إلَى الْعَرْجِ، فَوَجَدَ خَبَرَهُمْ أَنّهُمْ قَدْ عَارَضُوا إلَى أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ حَتّى وَجَدَهُمْ قَدْ عَدَلُوا مِنْ السّقْيَا يَؤُمّونَ أَرْضَ بَنِي سُلَيْمٍ فِي صَحْرَاءَ، قَدْ حَلّوا وَسَرّحُوا مَوَاشِيَهُمْ، وَالْبُيُوتُ خُلُوفٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ إلّا النّسَاءُ وَنُفَيْرٌ، فَلَمّا رَأَوْا الْجَمْعَ وَلّوْا وَأَخَذُوا مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، وَوَجَدُوا فِي الْمَحَلّةِ مِنْ النّسَاءِ إحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَثَلَاثِينَ صَبِيّا، فَحَمَلَهُمْ إلَى المدينة، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَحُبِسُوا فِي دَارِ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. فَقَدِمَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، الْعُطَارِدُ بْنُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ، وَالزّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُعَيْمُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، ورياح بن الحارث ابن مُجَاشِعٍ [ (٢) ] ،

فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ قَبْلَ الظّهْرِ، فَلَمّا دَخَلُوا سَأَلُوا عَنْ سَبْيِهِمْ فَأُخْبِرُوا بِهِمْ فَجَاءُوهُمْ، فَبَكَى الذّرَارِيّ وَالنّسَاءُ، فَرَجَعُوا حَتّى دَخَلُوا الْمَسْجِدَ ثَانِيَةً، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، وَقَدْ أَذّنَ بِلَالٌ بِالظّهْرِ بِالْأَذَانِ الْأَوّلِ، وَالنّاسُ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَجّلُوا خُرُوجَهُ، فَنَادَوْا: يَا مُحَمّدُ، اُخْرُجْ إلَيْنَا! فَقَامَ إلَيْهِمْ بِلَالٌ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يخرج الآن. فاشتهر [ (٣) ]


[ (١) ] ركوبة: ثنية بين مكة والمدينة عند العرج. (معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٨٠) .
[ (٢) ] هكذا فى الأصل ثمانية، لا عشرة، كما ذكر قبل.
[ (٣) ] فى الأصل: «فاستشهد» ، ولعل ما أثبتناه أقرب الاحتمالات. والشهرة: وضوح الأمر.
(تاج العروس، ج ٣، ص ٣٢٠) .