للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِئْرِهَا وَعَجَنُوا فَنَادَى مُنَادِي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا وَلَا تَتَوَضّئُوا مِنْهُ لِلصّلَاةِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ فاعلفوه الإبل. قال سهل ابن سَعْدٍ: كُنْت أَصْغَرَ أَصْحَابِي وَكُنْت مُقْرِيهمْ [ (١) ] فِي تَبُوكَ، فَلَمّا نَزَلْنَا عَجَنْت لَهُمْ ثُمّ تَحَيّنْت الْعَجِينَ، وَقَدْ ذَهَبْت أَطْلُبُ حَطَبًا، فَإِذَا مُنَادِي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أَلّا تَشْرَبُوا مِنْ مَاءِ بِئْرِهِمْ. فَجَعَلَ النّاسُ يَهْرَقُونَ مَا فِي أَسْقِيَتِهَا. قَالُوا:

يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَجَنّا. قَالَ: أَعْلِفُوهُ الْإِبِلَ! قَالَ سَهْلٌ: فَأَخَذْت مَا عَجَنْت فَعَلَفْت نِضْوَيْنِ، فَهُمَا كَانَا أَضْعَفَ رِكَابِنَا.

وَتَحَوّلْنَا إلَى بِئْرِ صَالِحٍ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ، فَجَعَلْنَا نَسْتَقِي مِنْ الْأَسْقِيَةِ وَنَغْسِلُهَا، ثُمّ ارْتَوَيْنَا، فَلَمْ نَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ إلّا مُمْسِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْأَلُوا نَبِيّكُمْ الْآيَاتِ! هَؤُلَاءِ قَوْمُ صَالِحٍ سَأَلُوا نَبِيّهُمْ آيَةً، فَكَانَتْ النّاقَةُ تَرِدُ عَلَيْهِمْ مِنْ هَذَا الْفَلْجِ، تَسْقِيهِمْ مِنْ لَبَنِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا مَا شَرِبَتْ مِنْ مَائِهَا، فَعَقَرُوهَا فَأُوعِدُوا ثَلَاثًا، وَكَانَ وَعْدُ اللهِ غَيْرَ مَكْذُوبٍ، فَأَخَذَتْهُمْ الصّيْحَةُ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ تَحْتَ أَدِيمِ السّمَاءِ إلّا هَلَكَ، إلّا رَجُلٌ فِي الْحَرَمِ مَنَعَهُ الْحَرَمُ مِنْ عَذَابِ اللهِ. قَالُوا: يَا نَبِيّ اللهِ، مَنْ هُوَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو رِغَالٍ، أَبُو ثَقِيفٍ. قَالُوا: فَمَا لَهُ بِنَاحِيَةِ مَكّةَ؟ قَالَ: إنّ صَالِحًا بَعَثَهُ مُصَدّقًا، فَانْتَهَى إلَى رَجُلٍ مَعَهُ مِائَةُ شَاةٍ شُصُصٍ [ (٢) ] ، وَمَعَهُ شَاةٌ وَالِدٌ، وَمَعَهُ صَبِيّ مَاتَتْ أُمّهُ بِالْأَمْسِ. فَقَالَ: إنّ رَسُولَ اللهِ أَرْسَلَنِي إلَيْك. فَقَالَ: مَرْحَبًا برسول الله وأهلا!


[ (١) ] فى الأصل: «وكنت سفر بهم» . ولعل ما أثبتناه أقرب الاحتمالات.
[ (٢) ] شصص: جمع شصوص، والشصوص، الشاة التي قد قل لبنها جدا أو ذهب. (النهاية، ج ٢، ص ٢٢٠) .