للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خُذْ! قَالَ: فَأَخَذَ الشّاةَ اللّبُونَ، فَقَالَ: إنّمَا هِيَ أُمّ هَذَا الْغُلَامِ بَعْدَ أُمّهِ، خُذْ مَكَانَهَا عَشْرًا. قَالَ: لَا. قَالَ: عِشْرِينَ. قَالَ: لَا. قَالَ: خَمْسِينَ. قَالَ: لَا.

قَالَ: خُذْهَا كُلّهَا إلّا هَذِهِ الشّاةَ. قَالَ: لَا. قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبّ اللّبَنَ فَأَنَا أُحِبّهُ. فَنَثَرَ كِنَانَتَهُ ثُمّ قَالَ: اللهُمّ تَشْهَدْ! ثُمّ فَوّقَ لَهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ: لَا يَسْبِقُ بِهَذَا الْخَبَرِ إلَى نَبِيّ الله أَوّلَ مِنّي! فَجَاءَ صَالِحًا فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَرَفَعَ صَالِحٌ يَدَيْهِ مُدّا فَقَالَ: اللهُمّ الْعَنْ أَبَا رِغَالٍ! ثَلَاثًا. وَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذّبِينَ، إلّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فَيُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ: رَأَيْت رَجُلًا جَاءَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاتَمٍ وَجَدَهُ فِي الْحِجْرِ فِي بُيُوتِ الْمُعَذّبِينَ. قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَاسْتَتَرَ بِيَدِهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ، وَقَالَ: أَلْقِهِ! فَأَلْقَاهُ فَمَا أَدْرِي أَيْنَ وَقَعَ حَتّى السّاعَةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ حِينَ حَاذَاهُمْ:

إنّ هَذَا وَادِي النّفْرِ! فَجَعَلُوا يُوضِعُونَ [ (١) ] فِيهِ رِكَابَهُمْ حَتّى خَرَجُوا مِنْهُ.

قَالَ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ حَتّى خَلّفَهَا. قَالَ: وَارْتَحَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمّا أَصْبَحَ وَلَا مَاءَ مَعَهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ:

فَرَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا- وَلَا وَاَللهِ مَا أَرَى فِي السّمَاءِ سَحَابًا- فَمَا بَرِحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو حَتّى إنّي لَأَنْظُرُ إلَى السّحَابِ تَأْتَلِفُ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ، فَمَا رَامَ مَقَامَهُ حَتّى سَحّتَ عَلَيْنَا


[ (١) ] فى الأصل «يعرضون» .