للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السّمَاءُ بِالرّوَاءِ [ (١) ] ، فَكَأَنّي أَسْمَعُ تَكْبِيرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَطَرِ.

ثُمّ كَشَفَ اللهُ السّمَاءَ عَنّا مِنْ سَاعَتِهَا وَإِنْ الْأَرْضُ إلّا غُدُرٌ تَنَاخَسُ [ (٢) ] ، فَسُقِيَ النّاسُ وَارْتَوَوْا عَنْ آخِرِهِمْ، وَأَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

أَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللهِ! فَقُلْت لِرَجُلٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ: وَيْحَك، أَبَعْدَ هَذَا شَيْءٌ؟ فَقَالَ: سَحَابَةٌ مَارّةٌ! وَهُوَ أَوْسُ بْنُ قَيْظِيّ، وَيُقَالُ: زَيْدُ بْنُ اللّصَيْتِ.

قَالَ: حَدّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَنّهُ قَالَ لَهُ: هَلْ كَانَ النّاسُ يَعْرِفُونَ أَهْلَ النّفَاقِ فِيهِمْ؟

فَقَالَ: نَعَمْ وَاَللهِ، إنْ كَانَ الرّجُلُ لَيَعْرِفُهُ مِنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ وَبَنِي عَمّهِ. سَمِعْت جَدّك قَتَادَةَ بْنَ النّعْمَانِ يَقُولُ: تَبِعَنَا فِي دَارِنَا قَوْمٌ مِنّا مُنَافِقُونَ. ثُمّ مِنْ بَعْدُ سَمِعْت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ فِي بَنِي النّجّارِ: مَنْ لَا بَارَكَ اللهُ فِيهِ! فَيُقَالُ: مَنْ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ فَيَقُولُ: سَعْدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَقَيْسُ بْنُ فِهْرٍ. ثُمّ يَقُولُ زَيْدٌ: لَقَدْ رَأَيْتنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَلَمّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَاءِ مَا كَانَ دَعَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل اللهُ سَحَابَةً فَأَمْطَرَتْ حَتّى ارْتَوَى النّاسُ، فَقُلْنَا: يَا وَيْحَك، أَبَعْدَ هَذَا شَيْءٌ؟ فَقَالَ:

سَحَابَةٌ مَارّةٌ! وَهُوَ وَاَللهِ رَجُلٌ لَك بِهِ قَرَابَةٌ يَا مَحْمُودُ بْنَ لَبِيدٍ! قَالَ مَحْمُودٌ:

قَدْ عَرَفْته!

قَالَ: ثُمّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَجّهًا إلَى تَبُوكَ، فَأَصْبَحَ فِي مَنْزِلٍ، فَضَلّتْ نَاقَةُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَصْوَاءُ، فَخَرَجَ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهَا. وَعِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ- عَقَبِيّ بَدْرِيّ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا- وَكَانَ فِي رَحْلِهِ زَيْدُ بْنُ اللّصيت أحد بنى قينقاع


[ (١) ] الرواء: الماء الكثير. (النهاية، ج ٢، ص ١١٣) .
[ (٢) ] تناخس: أى يصب بعضها فى بعض. (النهاية، ج ٤، ص ١٣٣) .