يَكُنْ أَدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الصّفَةِ. قَالَ: وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا فِي الصّوْمِ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ تَبَاعَدَتْ مِنْهُ جَهَنّمُ مَسِيرَةَ مائة سنة كأغذّ السّيْرِ. وَلَقَدْ فُضّلَ نِسَاءُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ فِي الْحُرْمَةِ كَأُمّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يُخَالِفُ إلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ فَيَخُونَهُ فِي أَهْلِهِ إلّا وَقَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: إنّ هَذَا خَانَك فِي أَهْلِك فَخُذْ مِنْ عَمَلِهِ مَا شِئْت، فَمَا ظَنّكُمْ؟
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ أَوْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يُحَدّثُ قَالَ: فَزِعَ النّاسُ بِتَبُوكَ لَيْلَةً، فَخَرَجْت فِي سِلَاحِي حَتّى جَلَسْت إلَى سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَعَلَيْهِ سِلَاحُهُ، فَقُلْت: لَأَقْتَدِيَنّ بِهَذَا الرّجُلِ الصّالِحِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ! فَجَلَسْت إلَى جَنْبِهِ قَرِيبًا مِنْ قُبّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا مُغْضَبًا فَقَالَ: أَيّهَا النّاسُ، مَا هَذِهِ الْخِفّةُ؟
مَا هَذَا النّزَقُ؟ أَلَا صَنَعْتُمْ مَا صَنَعَ هَذَانِ الرّجُلَانِ الصّالِحَانِ؟
يَعْنِينِي وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.
قَالُوا: وَلَمّا انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى تَبُوكَ وَضَعَ حَجَرًا قِبْلَةَ مَسْجِدِ تَبُوكَ بِيَدِهِ وَمَا يَلِي الْحَجَرَ، ثُمّ صَلّى الظّهْرَ بِالنّاسِ، ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَاهُنَا شَامٌ، وَمَا هَاهُنَا يَمَنٌ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ: كُنّا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، فَقَامَ يُصَلّي مِنْ اللّيْلِ، وَكَانَ يُكْثِرُ التّهَجّدَ مِنْ اللّيْلِ، وَلَا يَقُومُ إلّا اسْتَاكَ، وَكَانَ إذَا قَامَ يُصَلّي صَلّى بِفِنَاءِ خَيْمَتِهِ، فَيَقُومُ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَحْرُسُونَهُ. فَصَلّى لَيْلَةً مِنْ تِلْكَ اللّيَالِي، فَلَمّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَقَالَ: أُعْطِيت خَمْسًا مَا أُعْطِيَهُنّ أَحَدٌ قَبْلِي: بُعِثْت إلَى النّاسِ كَافّةً، وَإِنّمَا كَانَ النّبِيّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute