للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَبْرَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَحَارِثَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وكلُّ وَاحِدٍ قد حدثني بطائفة من هذا الحديث، وغيرهم، قَالُوا: كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ «بَرَاءَةٌ» ، قَدْ عَاهَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْدًا، فَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجّ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَبَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِشْرِينَ بَدَنَةً، قَلّدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النّعَالَ، وَأَشْعَرَهَا بِيَدِهِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ، وَسَاقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَمْسَ بَدَنَاتٍ. وَحَجّ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَأَهْدَى بُدْنًا، وَقَوْمٌ أَهْلُ قُوّةٍ، وَأَهْلُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَسَارَ حَتّى إذَا كَانَ بِالْعَرْجِ فِي السّحَرِ سَمِعَ رُغَاءَ نَاقَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء، فَقَالَ: هَذِهِ الْقَصْوَاءُ! فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: اسْتَعْمَلَك رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْحَجّ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي أَقْرَأُ «بَرَاءَةٌ» عَلَى النّاسِ، وَأَنْبِذُ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ. وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُخَالِفَ الْمُشْرِكِينَ، فَيَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَلَا يَقِفُ بِجَمْعٍ [ (١) ] ، وَلَا يَدْفَعُ مِنْ عَرَفَةَ حَتّى تَغْرُبَ الشّمْسَ، وَيَدْفَعَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ. فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ حَتّى قَدِمَ مَكّةَ وَهُوَ مُفْرِدٌ بِالْحَجّ، فَخَطَبَ النّاسَ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ التّرْوِيَةِ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، ثُمّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصّبْحَ بِمِنًى. ثُمّ لَمْ يَرْكَبْ حَتّى طَلَعَتْ الشّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ، فَانْتَهَى إلَى نَمِرَةَ [ (٢) ] ، فَنَزَلَ فِي قُبّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَقَالَ فِيهَا، فَلَمّا زَاغَتْ الشّمْسُ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ، ثُمّ أَنَاخَ فَصَلّى الظّهر والعصر بأذان وإقامتين،


[ (١) ] جمع: هو المزدلفة. (معجم البلدان، ج ٣، ص ١٣٨) .
[ (٢) ] نمرة: ناحية بعرفة معلوم. (معجم البلدان، ج ٨، ص ٣١٧) .