للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آدَمُ فَقَالَ: وَيْلَك، تُخَاطِبُهَا وَقَدْ أَكَلْت ابْنَهَا؟ اخْسَأْ! فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلِذَلِكَ لَا يَمْشِي إلّا مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

إنْ شِئْتُمْ وَظّفْت لَهُ وَظِيفَةً لَا يَعْدُوهَا إلَى غَيْرِهَا، وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْته يُجَالِسُكُمْ وَتَحْذَرُونَ مِنْهُ. فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَقَالُوا: وَظّفْ [ (١) ] لَهُ وَظِيفَةً. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَخْشَى أَلّا يَحْمِلَهَا قَوْمُنَا وَلَا يُطِيعُونَ بِهَا، فَنَكُونُ قَدْ قُلْنَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا لَا نَفِي بِهِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْهُ يُجَالِسُنَا وَنَتَحَذّرُ مِنْهُ. فَقَالَ: فَذَاكَ!

فَوَلّى الْقَوْمُ رَاجِعِينَ إلَى قَوْمِهِمْ، فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى قَوْمِهِمْ أَخْبَرُوهُمْ فَقَالُوا: وَاَللهِ مَا هُدِيتُمْ لِرُشْدِكُمْ، لَوْ قَبِلْتُمْ مَا وَظّفَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِنْتُمْ منه. فهيّأوا رَجُلًا يَبْعَثُونَهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُ الرّسُولُ.

قَالَ: وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَحَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ مَوْلًى لِآلِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَدِمَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ مِنْ الْيَمَنِ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمّنْ حَلّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا [ (٢) ] وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَمَرَنِي بِهَذَا أَبِي! قَالَ عَلِيّ، وَهُوَ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْت إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرّشًا [ (٣) ] عُلَى فَاطِمَةَ لِلّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ، وَأَخْبَرْته أَنّي أَنْكَرْت ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ «أَبِي أَمَرَنِي بِذَلِكَ» . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقْت! مَاذَا قُلْت حِينَ فَرَضْت الْحَجّ؟ قَالَ، قُلْت: اللهُمّ إنّي أُهِلّ بِمَا أهلّ به رسولك! قال:


[ (١) ] فى الأصل: «وظفها» .
[ (٢) ] أى مصبوغة غير بيض، وهو فعيل بمعنى مفعول. (النهاية، ج ٢، ص ٢٥١) .
[ (٣) ] أراد بالتحريش هاهنا ذكر ما يوجب عتابه لها. (النهاية، ج ١، ص ٢١٧) .