للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قَتَلْت حَمْزَةَ فَأَنْتَ حُرّ. قَالَ: فَخَرَجْت مَعَ النّاسِ وَلِي مَزَارِيقُ [ (١) ] ، وَكُنْت أَمُرّ بِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ فَتَقُولُ: إيه أَبَا دَسِمَةَ، اشْفِ وَاشْتَفِ! فَلَمّا وَرَدْنَا أُحُدًا نَظَرْت إلَى حَمْزَةَ يَقْدُمُ النّاسَ يَهُدّهُمْ [ (٢) ] هَدّا فَرَآنِي وَأَنَا قَدْ كَمَنْت لَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَقْبَلَ نَحْوِي وَيَعْتَرِضُ لَهُ سِبَاعٌ الْخُزَاعِيّ، فَأَقْبَلَ إلَيْهِ فَقَالَ: وَأَنْتَ أَيْضًا [يَا] ابْنَ مُقَطّعَةِ الْبُظُورِ مِمّنْ يُكْثِرُ عَلَيْنَا، هَلُمّ إلَيّ! قَالَ: وَأَقْبَلَ حَمْزَةُ فَاحْتَمَلَهُ حَتّى رَأَيْت بَرَقَانَ رِجْلَيْهِ، ثُمّ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمّ قَتَلَهُ. وَأَقْبَلَ نَحْوِي سَرِيعًا حَتّى يَعْتَرِضَ لَهُ جُرُفٌ فَيَقَعُ فِيهِ، وَأَزْرُقُهُ بِمِزْرَاقِي فَيَقَعُ فِي ثُنّتِهِ [ (٣) ] حَتّى خَرَجَ مِنْ بَيْن رِجْلَيْهِ، فَقَتَلْته، وَأَمُرّ بِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ [ (٤) ] فَأَعْطَتْنِي حُلِيّهَا وَثِيَابَهَا.

وَأَمّا مُسَيْلِمَةُ، فَإِنّا دَخَلْنَا حَدِيقَةَ الْمَوْتِ، فَلَمّا رَأَيْته زَرَقْته بِالْمِزْرَاقِ وَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِالسّيْفِ، فَرَبّك أَعْلَمُ أَيّنَا قَتَلَهُ إلّا أَنّي سَمِعْت امْرَأَةً تَصِيحُ فَوْقَ الدّيْرِ [ (٥) ] : قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيّ.

قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَقُلْت: أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَأَكَرّ [ (٦) ] بَصَرَهُ عَلَيّ، وَقَالَ:

ابْنُ عَدِيّ وَلِعَاتِكَةِ بِنْتِ أَبِي الْعِيصِ! قَالَ: قُلْت: نَعَمْ. قَالَ:

أَمَا وَاَللهِ مَا لِي بِك عَهْدٌ بَعْدَ أَنْ رَفَعْتُك إلَى أُمّك فِي مِحَفّتِهَا الّتِي تُرْضِعُك فِيهَا، وَنَظَرْت إلَى بَرَقَانِ قدميك حتى كأن الآن.


[ (١) ] مزاريق: جمع مزارق، وهو رمح قصير. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٢٤٠) .
[ (٢) ] فى ت: «يهزهم هزا» ، وما أثبتناه عن سائر النسخ. ويهذ الناس، من رواه بالذال المعجمة، فمعناه يسرع فى قطع لحوم الناس بسيفه، ومن رواه بالدال المهملة فمعناه يرديهم ويهلكهم. (شرح أبى ذر، ص ٢٢٠) .
[ (٣) ] فى ح: «فى لبته» . والثنة: ما بين السرة والعانة. (الصحاح، ص ٢٠٩٠) .
[ (٤) ] فى ح: «ومررت بهند بنت عتبة فآذنتها فأعطتنى» .
[ (٥) ] فى ح: «فوق جدار» .
[ (٦) ] فى الأصل: «فأكره بصره» ، وما أثبتناه عن سائر النسخ.