للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَزَلْنَا مُحَمّدًا فِي دُورِ [ (١) ] كِنَانَةَ وَعِزّهَا! وَاَللهِ، لَقَدْ كَانَ جُعَيْلٌ يَرْضَى أَنْ يَسْكُتَ فَلَا يَتَكَلّمُ، فَصَارَ الْيَوْمَ يَتَكَلّمُ. وَقَوْلُ ابْنِ أُبَيّ أيضا فى صفوان ابن مُعَطّلٍ وَمَا رَمَاهُ بِهِ، فَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

أَمْسَى الْجَلَابِيبُ قَدْ رَاعُوا وَقَدْ كَثُرُوا ... وَابْنُ الْفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ الْبَلَدِ [ (٢) ]

فَلَمّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ جَاءَ صَفْوَانُ إلَى جُعَيْلِ بْنِ سُرَاقَةَ فقال: انطلق بنا، نضرب حسان، فو الله مَا أَرَادَ غَيْرَك وَغَيْرِي، وَلَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه. فَأَبِي جُعَيْلٌ أَنْ يَذْهَبَ، فَقَالَ لَهُ: لَا أَفْعَلُ إلّا أَنْ يَأْمُرَنِي رَسُولُ اللهِ، وَلَا تَفْعَلُ أَنْتَ حَتّى تُؤَامِرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ. فَأَبَى صَفْوَانُ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ مُصْلِتًا السّيْفَ حَتّى ضَرَبَ حَسّانَ ابن ثَابِتٍ فِي نَادِي قَوْمِهِ، فَوَثَبَتْ الْأَنْصَارُ إلَيْهِ فَأَوْثَقُوهُ رِبَاطًا- وَكَانَ الّذِي وَلِي ذَلِكَ مِنْهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ- وَأَسَرُوهُ أَسْرًا قَبِيحًا. فَمَرّ بِهِمْ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: مَا تَصْنَعُونَ؟ أَمِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ وَرِضَائِهِ أَمْ مِنْ أَمْرٍ فَعَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: مَا عَلِمَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ [ (٣) ] :

لَقَدْ اجْتَرَأْت، خَلّ عَنْهُ! ثُمّ جَاءَ بِهِ وَبِثَابِتٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُوقُهُمْ، فَأَرَادَ ثَابِتٌ أَنْ يَنْصَرِفَ، فَأَبَى عُمَارَةُ حَتّى جَاءَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ حَسّانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَهَرَ عَلَيّ السّيْفَ فِي نَادِي قَوْمِي، ثُمّ ضَرَبَنِي لِأَنْ أَمَوْتَ، وَلَا أَرَانِي إلّا مَيّتًا مِنْ جِرَاحَتِي.

فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفْوَانَ فَقَالَ: ولم ضربته وحملت


[ (١) ] هكذا فى الأصل. وفى ب: «ذروة» .
[ (٢) ] بيضة البلد: يعنى واحدا لا يحاربه أحد، وهو فى هذا الموضع مدح. وقد يكون بيضة البلد ذما، وأصل ذلك أن يؤخذ بيضة واحدة من بيض النعام ليس معها غيرها، فإذا أريد به الذم شبه بها الرجل الذي لا رهط له ولا عشيرة. (شرح أبى ذر، ص ٣٣٦) .
[ (٣) ] أى قال لثابت بن قيس بن شماس.