للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلَاحَ عَلَيْهِ؟ وَتَغَيّظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ آذَانِي وَهَجَانِي وَسَفِهَ عَلَيّ وَحَسَدَنِي عَلَى الْإِسْلَامِ. ثُمّ أَقْبَلَ عَلَى حَسّانَ فَقَالَ: أَسَفِهْت عَلَى قَوْمٍ أَسْلَمُوا؟ ثُمّ

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْبِسُوا صَفْوَانَ، فَإِنْ مَاتَ حَسّانُ فَاقْتُلُوهُ بِهِ. فَخَرَجُوا بِصَفْوَانَ [ (١) ] ، فَبَلَغَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ مَا صَنَعَ صَفْوَانُ، فَخَرَجَ فِي قَوْمِهِ مِنْ الْخَزْرَجِ حَتّى أَتَاهُمْ، فَقَالَ: عَمَدْتُمْ إلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ تُؤْذُونَهُ وَتَهْجُونَهُ بِالشّعْرِ وَتَشْتُمُونَهُ، فَغَضِبَ لِمَا قِيلَ لَهُ، ثُمّ أَسَرْتُمُوهُ أَقْبَحَ الْإِسَارِ [ (٢) ] وَرَسُولُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ! قَالُوا: فَإِنّ رَسُولَ اللهِ أَمَرَنَا بِحَبْسِهِ وَقَالَ: إنْ مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَاقْتُلُوهُ. قَالَ سَعْدٌ: وَاَللهِ، إنّ أَحَبّ إلَى رَسُولِ اللهِ لَلْعَفْوُ، وَلَكِنّ رَسُولَ اللهِ قَدْ قَضَى بَيْنَكُمْ بِالْحَقّ، وَإِنّ رَسُولَ اللهِ يَعْنِي [ (٣) ] لَيُحِبّ أَنْ يَتْرُكَ صَفْوَانَ.

وَاَللهِ، لَا أَبْرَحُ حَتّى يُطْلَقَ! فَقَالَ حَسّانُ: مَا كَانَ لِي مِنْ حَقّ فَهُوَ لَك يَا أَبَا ثَابِتٍ. وَأَبَى قَوْمُهُ، فَغَضِبَ قَيْسٌ ابْنُهُ غَضَبًا شَدِيدًا فَقَالَ: عَجَبًا لَكُمْ، مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ! إنّ حَسّان قَدْ تَرَكَ حَقّهُ وَتَأْبَوْنَ أَنْتُمْ! مَا ظَنَنْت أَنّ أَحَدًا مِنْ الْخَزْرَجِ يُرِدْ أَبَا ثَابِتٍ فِي أَمْرٍ يَهْوَاهُ. فَاسْتَحْيَا الْقَوْمُ وَأَطْلَقُوهُ مِنْ الْوَثَاقِ، فَذَهَبَ بِهِ سَعْدٌ إلَى بَيْتِهِ فَكَسَاهُ حُلّةً، ثُمّ خَرَجَ صَفْوَانُ حَتّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلّيَ فِيهِ، فَرَآهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صَفْوَانُ؟

قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: مَنْ كَسَاهُ؟ قَالُوا: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ:

كَسَاهُ اللهُ مِنْ حُلَلِ [ (٤) ] الْجَنّةِ. ثُمّ كَلّمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ حَسّانَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ: لَا أُكَلّمُك أَبَدًا إنْ لَمْ تَذْهَبْ إلَى رسول الله فتقول: كلّ حقّ لى


[ (١) ] فى الأصل: «بحسان» ، والتصحيح من ب.
[ (٢) ] فى ب: «أقبح الأسر» .
[ (٣) ] كذا فى الأصول.
[ (٤) ] فى ب: «ثياب» .