للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ إنّهُ كَانَ لِلزّبِيرِ عِنْدِي يَدٌ، جَزّ نَاصِيَتِي يَوْمَ بُعَاثٍ فَقَالَ: اُذْكُرْ هَذِهِ النّعْمَةَ عِنْدَك. وَقَدْ أَحْبَبْت أَنْ أَجْزِيَهُ بِهَا فَهَبْهُ لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهُوَ لَك.

فَأَتَاهُ فَقَالَ: إنّ رَسُولَ اللهِ قَدْ وَهَبَك لِي. قَالَ الزّبِيرُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا أَهْلَ وَلَا وَلَدَ وَلَا مَالَ بِيَثْرِبَ، مَا يَصْنَعُ بِالْحَيَاةِ؟

فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي وَلَدَهُ.

فَأَعْطَاهُ وَلَدَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي مَالَهُ وَأَهْلَهُ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَهْلَهُ، فَرَجَعَ إلَى الزّبِيرِ فَقَالَ: إنّ رَسُولَ اللهِ قَدْ أَعْطَانِي وَلَدَك وَأَهْلَك وَمَالَك. فَقَالَ الزّبِيرُ: يَا ثَابِتُ، أَمّا أَنْتَ فَقَدْ كَافَأْتنِي وَقَضَيْت بِاَلّذِي عَلَيْك. يَا ثَابِتُ، مَا فَعَلَ الّذِي كَأَنّ وَجْهَهُ مِرْآةٌ صِينِيّةٌ تَتَرَاءَى عَذَارَى الْحَيّ فِي وَجْهِهِ- كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ؟ قَالَ: قُتِلَ.

قَالَ: فَمَا فَعَلَ سَيّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي، سَيّدُ الْحَيّيْنِ كِلَيْهِمَا، يَحْمِلُهُمْ فِي الْحَرْبِ وَيُطْعِمُهُمْ فِي الْمَحَلّ- حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ؟ قَالَ: قتل. قال:

فما فعل أول غدية الْيَهُودِ إذَا حَمَلُوا، وَحَامِيَتُهُمْ إذَا وَلّوْا- غَزّالُ بْنُ سَمَوْأَلٍ؟

قَالَ: قُتِلَ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْحُوّلُ الْقُلّبُ الّذِي لَا يَؤُمّ جَمَاعَةً إلّا فَضّهَا وَلَا عُقْدَةً إلّا حَلّهَا- نَبّاشُ بْنُ قَيْسٍ؟ قَالَ: قُتِلَ. [قَالَ:] فَمَا فَعَلَ لِوَاءُ الْيَهُودِ فِي الزّحْفِ- وَهْبُ بْنُ زَيْدٍ؟ قَالَ: قُتِلَ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِي رِفَادَةِ الْيَهُودِ وَأَبُو الْأَيْتَامِ وَالْأَرَامِلِ مِنْ الْيَهُودِ- عُقْبَةُ بْنُ زَيْدٍ؟ قَالَ: قُتِلَ.

قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْعَمْرَانِ اللّذَانِ كَانَا يَلْتَقِيَانِ بِدِرَاسَةِ التّوْرَاةِ؟ قَالَ: قُتِلَا.

قَالَ: يَا ثَابِتُ، فَمَا خَيْرٌ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ! أَأَرْجِعُ إلَى دَارٍ كَانُوا فِيهَا حُلُولًا فَأَخْلُدَ فِيهَا بَعْدَهُمْ؟ لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ، فَإِنّي أَسْأَلُك بِيَدِي عِنْدَك إلّا قَدّمْتنِي إلَى هَذَا الْقَتّالِ الّذِي يَقْتُلُ سَرَاةَ بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمّ يُقَدّمُنِي إلَى مَصَارِعِ قَوْمِي، وَخُذْ سَيْفِي فَإِنّهُ صَارِمٌ فَاضْرِبْنِي بِهِ ضَرْبَةً وَأَجْهِزْ، وَارْفَعْ يَدَك