للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَشْهَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَك، مِنْ رَدّ مَنْ قَدِمَ عَلَيْك مِنْ أَصْحَابِنَا، فَابْعَثْ إلَيْنَا بِصَاحِبِنَا،

فَأَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بِصَيْرٍ أَنْ يَرْجِعَ مَعَهُمْ وَدَفَعَهُ إلَيْهِمَا، فَقَالَ أَبُو بِصَيْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَرُدّنِي إلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا بِصَيْرٍ، إنّا قَدْ أَعْطَيْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مَا قَدْ عَلِمْت، وَلَا يَصْلُحُ لَنَا فِي دِينِنَا الْغَدْرُ، وَإِنّ اللهَ جَاعِلٌ لَك وَلِمَنْ مَعَك مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، قَالَ أَبُو بِصَيْرٍ:

يَا رَسُولَ اللهِ، تَرُدّنِي إلَى الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

انْطَلِقْ يَا أَبَا بِصَيْرٍ، فَإِنّ اللهَ سَيَجْعَلُ لَك مَخْرَجًا. فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْعَامِرِيّ وَصَاحِبِهِ، فَخَرَجَ مَعَهُمَا، وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يُسِرّونَ إلَى أَبِي بِصَيْرٍ: يَا أَبَا بِصَيْرٍ، أَبْشِرْ! فَإِنّ اللهَ جَاعِلٌ لَك مَخْرَجًا، وَالرّجُلُ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ، فَافْعَلْ وَافْعَلْ! يَأْمُرُونَهُ بِاَلّذِينَ مَعَهُ. فَخَرَجُوا حَتّى كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ- انْتَهَوْا إلَيْهَا عِنْدَ صَلَاةِ الظّهْرِ- فَدَخَلَ أَبُو بِصَيْرٍ مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ، وَمَعَهُ زَادٌ لَهُ يَحْمِلُهُ مِنْ تَمْرٍ، فَمَالَ إلَى أَصْلِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ زَادَهُ فَجَعَلَ يَتَغَدّى، وَقَالَ لِصَاحِبَيْهِ:

اُدْنُوَا فَكُلَا! فَقَالَا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي طَعَامِك. فَقَالَ: وَلَكِنْ لَوْ دَعَوْتُمُونِي إلَى طَعَامِكُمْ لَأَجَبْتُكُمْ وَأَكَلْت مَعَكُمْ. فَاسْتَحْيِيَا فَدَنَوْا وَوَضَعَا أَيْدِيَهُمَا فِي التّمْرِ مَعَهُ، وَقَدّمَا سُفْرَةً لَهُمَا فِيهَا كِسْرٌ، فَأَكَلُوا جَمِيعًا، وَآنَسَهُمْ، وَعَلّقَ الْعَامِرِيّ بِسَيْفِهِ عَلَى حَجَرٍ فِي الْجِدَارِ، فَقَالَ أَبُو بِصَيْرٍ لِلْعَامِرِيّ: يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ، مَا اسْمُك؟ فَقَالَ: خُنَيْسٌ. قَالَ: ابْنُ مَنْ؟ قَالَ: ابْنُ جَابِرٍ. فَقَالَ:

يَا أَبَا جَابِرٍ أَصَارِمٌ سَيْفَك هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: نَاوِلْنِيهِ أَنْظُرْ إلَيْهِ إنْ شِئْت، فَنَاوَلَهُ الْعَامِرِيّ وَكَانَ أَقْرَبَ إلَى السّيْفِ مِنْ أَبِي بِصَيْرٍ، فَأَخَذَ