للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْك، وَإِنْ قَطَعْت مَشْرَبَهُمْ عَلَيْهِمْ ضَجّوا. فَسَارَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دُبُولِهِمْ فَقَطَعَهَا، فَلَمّا قَطَعَ عَلَيْهِمْ مَشَارِبَهُمْ لَمْ يُطِيقُوا الْمَقَامَ عَلَى الْعَطَشِ، فَخَرَجُوا فَقَاتَلُوا أَشَدّ الْقِتَالِ، وَقُتِلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمئِذٍ نَفَرٌ، وَأُصِيبَ مِنْ الْيَهُودِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَشَرَةٌ، وَافْتَتَحَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ آخِرَ حُصُونِ النّطَاةِ. فَلَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النّطَاةِ أَمَرَ بِالِانْتِقَالِ، وَالْعَسْكَرِ أَنْ يُحَوّلَ مِنْ مَنْزِلِهِ بِالرّجِيعِ إلَى مَكَانِهِ الْأَوّلِ بِالْمَنْزِلَةِ، وَأَمّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْبَيَاتِ وَمِنْ حَرْبِ الْيَهُودِ وَمَا يَخَافُ مِنْهُمْ، لِأَنّ أَهْلَ النّطَاةِ كَانُوا أَحَدّ الْيَهُودِ وَأَهْلَ النّجْدَةِ مِنْهُمْ. ثُمّ تَحَوّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَهْلِ الشّقّ.

فَحَدّثَنِي مُوسَى بْنُ عُمَرَ الْحَارِثِيّ، عَنْ أَبِي عُفَيْرٍ مُحَمّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: لَمّا تَحَوّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الشّقّ، وَبِهِ حُصُونٌ ذَاتُ عَدَدٍ، كَانَ أَوّلَ حِصْنِ بَدَأَ مِنْهَا حِصْنُ أُبَيّ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَلْعَةٍ يُقَالُ لَهَا سُمْرَانُ [ (١) ] ، فَقَاتَلَ عَلَيْهَا أَهْلَ الْحِصْنِ قِتَالًا شَدِيدًا. وَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ غَزَالٌ [ (٢) ] فَدَعَا إلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَاخْتَلَفَا ضَرَبَاتٍ، ثُمّ حَمَلَ عَلَيْهِ الْحُبَابُ فَقَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ نِصْفِ الذّرَاعِ، فَوَقَعَ السّيْفُ مِنْ يَدِ غَزّالٍ فَكَانَ أَعَزْلَ، وَرَجَعَ مُبَادِرًا مُنْهَزِمًا إلَى الْحِصْنِ، وَتَبِعَهُ الْحُبَابُ فَقَطَعَ عُرْقُوبَهُ، فَوَقَعَ فَذَفّفَ عَلَيْهِ. وَخَرَجَ آخَرُ فَصَاحَ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَبَرَزَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ آلِ جَحْشٍ فَقَتَلَ الْجَحْشِيّ. وَقَامَ مكانه يدعو إلى


[ (١) ] هكذا فى الأصل. وفى ابن كثير يروى عن الواقدي: «سموان» . (البداية والنهاية، ج ٤، ص ١٩٨) .
[ (٢) ] فى ابن كثير يروى عن الواقدي: «غزول» . (البداية والنهاية، ج ٤، ص ١٩٨) .