للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْبِرَازِ وَيَبْرُزُ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ فَوْقَ الْمِغْفَرِ يَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، فَبَدَرَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ، ثُمّ ذَفّفَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ سَلَبَهُ، دِرْعَهُ وَسَيْفَهُ، فَجَاءَ بِهِ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفّلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ. وَأَحْجَمُوا عَنْ الْبِرَازِ، فَكَبّرَ الْمُسْلِمُونَ ثُمّ تَحَامَلُوا عَلَى الْحِصْنِ فَدَخَلُوهُ، يَقْدُمُهُمْ أَبُو دُجَانَةَ، فَوَجَدُوا فِيهِ أَثَاثًا وَمَتَاعًا وَغَنَمًا وَطَعَامًا، وَهَرَبَ مَنْ كَانَ فِيهِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَتَقَحّمُوا الْجُدُرَ كَأَنّهُمْ الظّبَاءُ [ (١) ] حَتّى صَارُوا إلَى حِصْنِ النّزَارِ [ (٢) ] بِالشّقّ، وَجَعَلَ يَأْتِي مَنْ بَقِيَ مِنْ قُلَلِ [ (٣) ] النّطَاةِ إلَى حِصْنِ النّزَارِ فَعَلّقُوهُ وَامْتَنَعُوا فِيهِ أَشَدّ الِامْتِنَاعِ. وَزَحَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِمْ فِي أَصْحَابِهِ فَقَاتَلُوهُمْ، فَكَانُوا أَشَدّ أَهْلِ الشّقّ قِتَالًا، رَمَوْا الْمُسْلِمِينَ بِالنّبْلِ وَالْحِجَارَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، حَتّى أَصَابَتْ النّبْلُ ثِيَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِقَتْ بِهِ، فَأَخَذَ النّبْلَ فَجَمَعَهَا ثُمّ أَخَذَ لَهُمْ كَفّا من حصا فَحَصَبَ بِهِ حِصْنَهُمْ، فَرَجَفَ بِهِمْ ثُمّ سَاخَ فِي الْأَرْضِ.

قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ: اسْتَوَى بِالْأَرْضِ حَتّى جَاءَ الْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذُوا أَهْلَهُ أَخْذًا [ (٤) ] . وَكَانَتْ فِيهِ صَفِيّةُ بِنْتُ حُيَيّ وَابْنَةُ عَمّهَا. فَكَانَ عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللّحْمِ يَقُولُ: شَهِدْت صفيّة أخرجت وابنة عمّها وصبيّات من


[ (١) ] هكذا فى الأصل. وفى ابن كثير يروى عن الواقدي: «الضباب» . (البداية والنهاية، ج ٤، ص ١٩٨) .
[ (٢) ] هكذا فى الأصل. وفى ابن كثير يروى عن الواقدي: «البزاة» . (البداية والنهاية، ج ٤، ص ١٩٨) .
[ (٣) ] قلل: جمع قلة، وقلة كل شيء أعلاه. (الصحاح، ص ١٨٠٤) .
[ (٤) ] هكذا فى الأصل. وفى ابن كثير يروى عن الواقدي: «وأخذهم المسلمون أخذا باليد» . (البداية والنهاية، ج ٤، ص ١٩٨) .