عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَكُلّ قَدْ حَدّثَنِي مِنْهُ طَائِفَةٌ، وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لِلْحَدِيثِ مِنْ بَعْضٍ، فَجَمَعْت مَا حَدّثُونِي، وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ الْمُسَمّيْنَ قَدْ حَدّثَنِي أَيْضًا، قَالُوا: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّ جَمْعًا مِنْ بَلِيّ وَقُضَاعَةَ قَدْ تَجَمّعُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوَا إلَى أَطْرَافِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً أَبْيَضَ، وَجَعَلَ مَعَهُ رَايَةً سَوْدَاءَ، وَبَعَثَهُ فِي سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ- فِي ثَلَاثِمِائَةِ- عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ، وَأَبُو الْأَعْوَرِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ، وَمِنْ الْأَنْصَارِ: أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمِنْ مَرّ بِهِ مِنْ الْعَرَبِ، وَهِيَ بِلَادُ بَلِيّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْن، وَذَلِكَ أَنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ ذَا رَحِمٍ بِهِمْ، كَانَتْ أُمّ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ بَلَوِيّةً، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَلّفُهُمْ بِعَمْرٍو. فَسَارَ، وَكَانَ يَكْمُنُ النّهَارَ وَيَسِيرُ اللّيْلَ، وَكَانَتْ مَعَهُ ثَلَاثُونَ فَرَسًا، فَلَمّا دَنَا مِنْ الْقَوْمِ بَلَغَهُ أَنّ لَهُمْ جَمْعًا كَثِيرًا، فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْهُمْ عِشَاءً وَهُمْ شَاتُونَ، فَجَمَعَ أَصْحَابُهُ الْحَطْبَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصْطَلُوا- وَهِيَ أَرْضٌ بَارِدَةٌ- فَمَنَعَهُمْ، فَشَقّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتّى كَلّمَهُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ فَغَالَظَهُ، فَقَالَ عَمْرٌو: أُمِرْت أَنْ تَسْمَعَ لِي وَتُطِيعَ! قَالَ: فَافْعَلْ! وَبَعَثَ رَافِعُ بْنُ مَكِيثٍ الْجُهَنِيّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ أَنّ لَهُمْ جَمْعًا كَثِيرًا وَيَسْتَمِدّهُ بِالرّجَالِ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرّاحِ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، وَبَعَثَ مَعَهُ سَرَاةَ الْمُهَاجِرِينَ- أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَالْأَنْصَارَ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْحَقَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي مِائَتَيْنِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا وَلَا يَخْتَلِفَا. فَسَارُوا حَتّى لَحِقُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute