للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ الْهَلَاكَ، وَدَعَوْا إلَيّ فَلَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ بُدّا.

قَالَ: وَكَانَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيّ رَفِيقًا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَعَهُمَا فِي رَحْلِهِمَا، فَخَرَجَ عَوْفٌ يَوْمًا فِي الْعَسْكَرِ فَمَرّ بِقَوْمٍ بِأَيْدِيهِمْ جَزُورٌ قَدْ عَجَزُوا عَنْ عَمَلِهَا، فَكَانَ عَوْفٌ عَالِمًا بِالْجُزُرِ فَقَالَ: أتعطونى عَلَيْهَا وَأَقْسِمُهَا بَيْنَكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ نُعْطِيك عَشِيرًا مِنْهَا. فَنَحَرَهَا ثُمّ جَزّأَهَا بَيْنَهُمْ، وَأَعْطَوْهُ مِنْهَا جزأ فَأَخَذَهُ فَأَتَى بِهِ أَصْحَابَهُ، فَطَبَخُوهُ وَأَكَلُوا مِنْهُ.

فَلَمّا فَرَغُوا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: مِنْ أَيْنَ لَك هَذَا اللّحْمُ؟

فَأَخْبَرَهُمَا فَقَالَا: وَاَللهِ مَا أَحْسَنْت حِينَ أَطْعَمْتنَا هَذَا. ثُمّ قَامَا يَتَقَيّآنِ، فَلَمّا فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَعَلَ ذَلِكَ الْجَيْشُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لِعَوْفٍ: تَعَجّلْت أَجْرَك! ثُمّ أَتَى أَبَا عُبَيْدَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حِينَ قَفَلْنَا احْتَلَمَ فِي لَيْلَة بَارِدَةٍ كَأَشَدّ مَا يَكُونُ مِنْ الْبَرْدِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ؟ قَدْ وَاَللهِ احْتَلَمْت، وَإِنْ اغْتَسَلْت مُتّ! فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضّأَ وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَتَيَمّمَ، ثُمّ قَامَ فَصَلّى بِهِمْ، فَكَانَ أَوّلَ مَنْ بَعَثَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ بَرِيدًا. قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: فَقَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السّحَرِ وَهُوَ يُصَلّي فِي بَيْتِهِ، فَسَلّمْت عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ؟ قُلْت: عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: صَاحِبُ الْجَزُورِ؟ قُلْت: نَعَمْ. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا، ثُمّ قَالَ:

أَخْبِرْنِي! فَأَخْبَرْته بِمَا كَانَ فِي مَسِيرِنَا وَمَا كَانَ بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمُطَاوَعَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ،

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرّاحِ!

ثُمّ أَخْبَرْته أَنّ عَمْرًا صَلّى بنا وهو