يُقَالُ: لَمّا صَاحَ لَمْ يَقْرَبْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَانْطَلَقَ إلَى مَكّةَ، وَكَانَ قَدْ حُبِسَ وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ اتّهَمَتْهُ حِينَ أَبْطَأَ أَشَدّ التّهْمَةِ وَقَالُوا: وَاَللهِ إنّا نَرَاهُ قَدْ صَبَأَ، وَاتّبَعَ مُحَمّدًا سِرّا وَكَتَمَ إسْلَامَهُ. فَلَمّا دَخَلَ عَلَى هِنْدٍ لَيْلًا قَالَتْ: لَقَدْ حُبِسْت حَتّى اتّهَمَك قَوْمُك، فَإِنْ كُنْت مَعَ طُولِ الْإِقَامَةِ جِئْتهمْ بِنُجْحٍ فَأَنْتَ الرّجُلُ! ثُمّ دَنَا مِنْهَا فَجَلَسَ مَجْلِسَ الرّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: مَا صَنَعْت؟ فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ إلّا مَا قَالَ لِي عَلِيّ. فَضَرَبَتْ بِرِجْلَيْهَا فِي صَدْرِهِ، وَقَالَتْ: قُبّحْت مِنْ رَسُولِ قَوْمٍ! حَدّثَنِي عبد الله بن عثمان بن أبي سليمان، عن أبيه، قال: فلما أصبح خلق رَأْسَهُ عِنْدَ الصّنَمَيْنِ، إِسَافَ وَنَائِلَةَ، وَذَبَحَ لَهُمَا، وَجَعَلَ يَمْسَحُ بِالدّمِ رُءُوسَهُمَا، وَيَقُولُ: لَا أُفَارِقُ عِبَادَتَكُمَا حَتّى أَمُوتَ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ أَبِي! أَبْرَأُ لِقُرَيْشٍ مِمّا اتّهَمُوهُ.
وَحَدّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَقَالَتْ لَه قُرَيْشٌ: مَا وَرَاءَك؟
هَلْ جِئْتنَا بِكِتَابٍ مِنْ مُحَمّدٍ، أَوْ زِيَادَةٍ فِي مُدّةٍ؟ مَا نَأْمَنُ أَنْ يَغْزُونَا! فَقَالَ:
وَاَللهِ لَقَدْ أَبَى عَلَيّ، وَلَقَدْ كَلّمْت عِلْيَةَ أَصْحَابِهِ فَمَا قَدَرْت عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمْ، إلّا أَنّهُمْ يَرْمُونَنِي بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، إلّا أَنّ عَلِيّا قَدْ قَالَ لَمّا ضَاقَتْ بِي الْأُمُورُ:
أَنْتَ سَيّدُ كِنَانَةَ، فَأَجِرْ بَيْنَ النّاسِ! فَنَادَيْت بِالْجِوَارِ ثُمّ دَخَلْت عَلَى مُحَمّدٍ فَقُلْت: إنّي قَدْ أَجَرْت بَيْنَ النّاسِ، وَمَا أَظُنّ أَنْ تَرُدّ جِوَارِي. فَقَالَ مُحَمّدٌ: أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ! لَمْ يَزِدْنِي عَلَى ذَلِكَ. قَالُوا: مَا زَادَ عَلَى أَنْ تَلْعَبَ بِك تَلَعّبًا! قَالَ: وَاَللهِ مَا وَجَدْت غَيْرَ ذَلِكَ.
حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute