مُطْعِمٍ، قَالَ: لَمّا وَلّى أَبُو سُفْيَانَ رَاجِعًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ: جَهّزِينَا وَأَخْفِي أَمْرَك! وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمّ خُذْ عَلَى قُرَيْشٍ الْأَخْبَارَ وَالْعُيُونَ حَتّى نَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً. وَيُقَالُ قَالَ: اللهُمّ خُذْ عَلَى قُرَيْشٍ أَبْصَارَهُمْ فَلَا يَرَوْنِي إلّا بَغْتَةً، وَلَا يَسْمَعُونَ بِي إلّا فَجْأَة.
قَالُوا: وَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْقَابِ، فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَطُوفُ عَلَى الْأَنْقَابِ قَيّمًا بِهِمْ فَيَقُولُ: لَا تَدْعُوا أَحَدًا يَمُرّ بِكُمْ تُنْكِرُونَهُ إلّا رَدَدْتُمُوهُ- وَكَانَتْ الْأَنْقَابُ مُسْلِمَةً- إلّا مَنْ سَلَكَ إلَى مَكّةَ فَإِنّهُ يَتَحَفّظُ بِهِ وَيَسْأَلُ عَنْهُ، أَوْ نَاحِيَةِ مَكّةَ.
قَالُوا: فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُجَهّزُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَعْمَلُ قَمْحًا سَوِيقًا وَدَقِيقًا وَتَمْرًا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْر فَقَالَ:
يَا عَائِشَةُ، أَهَمّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَزْوٍ؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي.
قَالَ: إنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ هَمّ بِسَفَرٍ فَآذِنِينَا نَتَهَيّأْ لَهُ. قَالَتْ: مَا أَدْرِي، لَعَلّهُ يُرِيدُ بَنِي سُلَيْمٍ، لَعَلّهُ يُرِيدُ ثَقِيفًا، لَعَلّهُ يُرِيدُ هَوَازِنَ! فَاسْتَعْجَمَتْ عَلَيْهِ حَتّى دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَدْت سَفَرًا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ. قَالَ: أَفَأَتَجَهّزُ؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَيْنَ تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: قُرَيْشًا، وَأَخْفِ ذَلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! وَأَمَرَ رسول الله [بالجهاز] ، قال: أو ليس بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُدّةٌ؟ قَالَ: إنّهُمْ غَدَرُوا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ، فَأَنَا غَازِيهِمْ. وَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ:
اطْوِ مَا ذَكَرْت لَك!
فَظَانّ يَظُنّ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ الشّامَ، وَظَانّ يَظُنّ ثَقِيفًا، وَظَانّ يَظُنّ هَوَازِنَ. وَبَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيّ فِي ثَمَانِيّةِ نَفَرٍ إلَى بَطْنِ إِضَمَ [ (١) ] لِيَظُنّ ظَانّ أَنّ رَسُولَ اللهِ
[ (١) ] إضم: ماء يطؤه الطريق بين مكة واليمامة عند السمينة. (معجم البلدان، ج ١، ص ٢٨١) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute