للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْ وَافَاهَا فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فساروا معه، فلمّا نزل قديد عَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَجَعَلَ الرّايَاتِ. فَلَمّا رَأَى عُيَيْنَةُ الْقَبَائِلَ تَأْخُذُ الرّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةَ عَضّ عَلَى أَنَامِلِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَامَ تَنْدَمُ؟ قَالَ: عَلَى قَوْمِي أَلّا يَكُونُوا نَفَرُوا مَعَ مُحَمّدٍ، فَأَيْنَ يُرِيدُ مُحَمّدٌ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: حَيْثُ يَشَاءُ اللهُ. فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مَكّةَ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ.

قَالَ: حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ عبد الله بن أبي بكر بن حزم، قَالَ: لَمّا سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَرْجِ، فَكَانَ فِيمَا بَيْنَ الْعَرْجِ وَالطّلُوبِ [ (١) ] ، نَظَرَ إلَى كَلْبَةٍ تَهِرّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَهُمْ حَوْلَهَا يَرْضَعُونَهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ جُعَيْلُ بْنُ سُرَاقَةَ أَنْ يَقُومَ حِذَاءَهَا، لَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ مِنْ الْجَيْشِ وَلِأَوْلَادِهَا.

قَالَ: حَدّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَمّا رَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَرْجِ تَقَدّمَتْ أَمَامَهُ جَرِيدَةٌ [ (٢) ] مِنْ خَيْلٍ طَلِيعَةٍ، تَكُونُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمّا كَانَتْ بَيْنَ الْعَرْجِ وَالطّلُوبِ أَتَوْا بِعَيْنٍ مِنْ هَوَازِنَ إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْنَاهُ حِينَ طَلَعْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَتَغَيّبَ عَنّا فِي وَهْدَةٍ [ (٣) ] ، ثُمّ جَاءَ فَأَوْفَى عَلَى نَشَزٍ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، فَرَكَضْنَا إلَيْهِ فَأَرَادَ يَهْرُبَ مِنّا، وَإِذَا بَعِيرُهُ قَدْ عَقَلَهُ أَسْفَلَ مِنْ النّشَزِ وَهُوَ يُغَيّبُهُ، فَقُلْنَا: مِمّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ.

فَقُلْنَا: هُمْ أَهْلُ هَذَا الْبَلَدِ. فَقُلْنَا: مِنْ أَيّ بَنِي غِفَارٍ أَنْتَ؟ فَعَيِيَ [ (٤) ] وَلَمْ


[ (١) ] الطلوب: ماء فى الطريق بين المدينة ومكة. (معجم ما استعجم، ص ٤٥٤) .
[ (٢) ] الجريدة من الخيل: هي التي جردت من معظم الخيل لوجه. (أساس البلاغة، ص ١١٦) .
[ (٣) ] الوهدة: الأرض المنخفضة. (القاموس المحيط، ج ١، ص ٣٤٧) .
[ (٤) ] فى الأصل: «فعنى» . وعيى فى منطقه، من العي، وهو خلاف البيان. (الصحاح، ص ٢٤٤٣) .