للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنْفِذْ لَنَا نَسَبًا، فَازْدَدْنَا بِهِ رِيبَةً وَأَسَأْنَا بَهْ الظّنّ، فَقُلْنَا: فَأَيْنَ أَهْلُك؟ قَالَ:

قَرِيبًا! وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إلَى نَاحِيَةٍ. قُلْنَا: عَلَى أَيّ مَاءٍ، وَمَنْ مَعَك هُنَالِكَ؟ فَلَمْ يُنْفِذْ لَنَا شَيْئًا، فَلَمّا رَأَيْنَا مَا خَلَطَ قُلْنَا: لَتُصْدِقَنّا أَوْ لَنَضْرِبَنّ عُنُقَك! قَالَ:

فَإِنْ صَدَقْتُكُمْ يَنْفَعُنِي ذَلِكَ عِنْدَكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنّي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ مِنْ بَنِي نَضْرٍ، بَعَثَتْنِي هَوَازِنُ عَيْنًا. وَقَالُوا: ائْتِ الْمَدِينَةَ حَتّى تَلْقَى مُحَمّدًا فَتَسْتَخْبِرَ لَنَا مَا يُرِيدُ فِي أَمْرِ حُلَفَائِهِ، أَيَبْعَثُ إلَى قُرَيْشٍ بَعْثًا أَوْ يَغْزُوهُمْ بِنَفْسِهِ، وَلَا نَرَاهُ إلّا يَسْتَغْوِرَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَ سَائِرًا أَوْ بَعَثَ بَعْثًا فَسِرْ مَعَهُ حَتّى تَنْتَهِيَ إلَى بَطْنِ سَرِفَ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُنَا أَوّلًا فَيَسْلُكُ [ (١) ] فِي بَطْنِ سَرِفَ حَتّى يَخْرُجَ إلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ قُرَيْشًا فَسَيَلْزَمُ الطّرِيقَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَيْنَ هَوَازِنُ؟ قَالَ: تَرَكْتهمْ بِبَقْعَاءَ وَقَدْ جَمَعُوا الْجُمُوعَ، وَأَجْلَبُوا فِي الْعَرَبِ، وَبَعَثُوا إلَى ثَقِيفٍ فَأَجَابَتْهُمْ، فَتَرَكَتْ ثَقِيفًا عَلَى سَاقٍ قَدْ جَمَعُوا الْجُمُوعَ، وَبَعَثُوا إلَى الْجُرَشِ [ (٢) ] فِي عَمَلِ الدّبّابَاتِ وَالْمَنْجَنِيقِ، وَهُمْ سَائِرُونَ إلَى جَمْعِ هَوَازِنَ فَيَكُونُونَ جَمْعًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَإِلَى مَنْ جَعَلُوا أَمْرَهُمْ؟ قَالَ:

إلَى فَتَاهُمْ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكُلّ هَوَازِنَ قَدْ أَجَابَ إلَى مَا دَعَا إلَيْهِ مَالِكٌ؟ قَالَ: قَدْ أَبْطَأَ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَهْلُ الْجِدّ وَالْجَلْدِ. قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: كَعْبٌ وَكِلَابٌ. قَالَ: مَا فَعَلَتْ هِلَالٌ؟ قَالَ:

مَا أَقَلّ مِنْ ضَوَى [ (٣) ] إلَيْهِ مِنْهُمْ، وَقَدْ مَرَرْت بِقَوْمِك أَمْسِ بِمَكّةَ وَقَدْ قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَرَأَيْتهمْ سَاخِطِينَ لِمَا جَاءَ بِهِ، وَهُمْ خَائِفُونَ وجلون.


[ (١) ] فى الأصل: «فاسلك» .
[ (٢) ] الجرش: من مخاليف اليمن من جهة مكة. (معجم البلدان، ج ٣، ص ٨٤) .
[ (٣) ] ضوى إليه: أوى إليه. (الصحاح، ص ٢٤١٠) .