للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، مَا أَرَاهُ إلّا صَدَقَنِي!

قَالَ الرّجُلُ: فَلَيَنْفَعَنّي ذَلِكَ؟ فَأَمَرَ بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَحْبِسَهُ، وَخَافُوا أَنْ يَتَقَدّمَ وَيُحَذّرَ النّاسَ، فَلَمّا نَزَلَ الْعَسْكَرُ مَرّ الظّهْرَانِ أَفْلَتَ الرّجُلُ، فَطَلَبَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَخَذَهُ عِنْدَ الْأَرَاكِ [ (١) ] ، وَقَالَ: لَوْلَا وُلّيت عَهْدًا لَك لَضَرَبْت عُنُقَك. وَأَخْبَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بَهْ يُحْبَسُ حَتّى يَدْخُلَ مَكّةَ، فَلَمّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ وَفَتَحَهَا أُتِيَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَاهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، ثُمّ خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إلَى هَوَازِنَ فَقُتِلَ بَأَوْطَاسٍ [ (٢) ] .

قَالَ: حَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قَمَادِينَ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ [كَانَ] أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ أَخَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ أَيّامًا، وَكَانَ يَأْلَفُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لَهُ تِرْبًا، فَلَمّا بُعِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَاهُ عَدَاوَةً لَمْ يُعَادِ أَحَدٌ قَطّ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ الشّعْبَ، وَهَجَا رَسُولَ اللهِ، وَهَجَا أَصْحَابَهُ، وَهَجَا حَسّانَ فَقَالَ:

أَلَا مُبَلّغٌ حَسّانَ عَنّي رِسَالَةً ... فَخِلْتُك مِنْ شَرّ الرّجَالِ الصّعَالِكِ

أَبُوك أَبُو سُوءٍ وَخَالُك مِثْلُهُ ... فَلَسْت بِخَيْرٍ مِنْ أَبِيك وَخَالِك

فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ لِحَسّانَ: اُهْجُهُ! قَالَ: لَا أَفْعَلُ حَتّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْفَ آذَنُ لَك فِي ابْنِ عَمّي أَخِي أَبِي؟

قَالَ: أَسُلّك مِنْهُ كَمَا تُسَلّ الشّعْرَةُ مِنْ العجين.


[ (١) ] الأراك: موضع بعرفة. (معجم ما استعجم، ص ٨٦) .
[ (٢) ] أوطاس: واد فى ديار هوازن، وفيه كانت وقعة حنين. (معجم ما استعجم، ص ١٣١) .