للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِمَ قَاتَلْت وَقَدْ نَهَيْت عَنْ الْقِتَالِ؟ فَقَالَ: هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ، وَرَشَقُونَا بِالنّبْلِ، وَوَضَعُوا فِينَا السّلَاحَ، وَقَدْ كَفَفْت مَا اسْتَطَعْت، وَدَعَوْتهمْ إلَى الْإِسْلَامِ، وَأَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النّاسُ فَأَبَوْا، حَتّى إذَا لَمْ أَجِدْ بُدّا قَاتَلْتهمْ، فَظَفّرَنَا اللهُ عَلَيْهِمْ وَهَرَبُوا فِي كُلّ وَجْهٍ يَا رَسُولَ اللهِ. ثُمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قَضَى اللهُ خَيْرًا! ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كُفّوا السّلَاحَ، إلّا خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ. فَخَبّطُوهُمْ [ (١) ] سَاعَةً، وَهِيَ السّاعَةُ الّتِي أُحِلّتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَحِلّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْ خُزَاعَةَ أَحَدٌ.

قَالَ أَبُو الْيَسَر: فَدَخَلْنَا مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنْ اللّيطِ، فَكَانُوا هُمْ الّذِينَ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ وَأَبَوْا أَنْ يَدْعُونَا نَدْخُلَ [ (٢) ] ، وَكَلّمَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَأَعْذَرَ إلَيْهِمْ، فَأَبَوْا. قَالَ خَالِدٌ: احْمِلُوا عَلَيْهِمْ! فَحَمَلْنَا فَمَا قَامُوا لَنَا فُوَاقَ [ (٣) ] نَاقَةٍ حَتّى هَرَبُوا، وَنَهَانَا عَنْ الطّلَبِ. قَالَ أَبُو الْيَسَرِ: فَجَعَلْت أَحْذِمُ [ (٤) ] بِسَيْفِي، وَهَوَيْت إلَى رَجُلٍ فَضَرَبْته فَاعْتَزَلَ إلَى خُزَاعَةَ، فَسَقَطَ فِي يَدِي فَجَعَلْت أَسْأَلُ عَنْهُ، فَقِيلَ لِي: إنّهُ مِنْ الْحَيَا- أَخُو خُزَاعَةَ. فَحَمِدْت اللهَ أَلّا أَقْتُلَ أَحَدًا مِنْ خُزَاعَةَ.

قَالُوا: وَأَقَامَ أَبُو أَحَمْدَ عَبْدُ اللهِ بن جحش على باب المسجد على


[ (١) ] خبطوهم: أى ضربوهم. (لسان العرب، ج ٩، ص ١٥٠) .
[ (٢) ] فى الأصل: «أن ندخل» .
[ (٣) ] أى ما بين الحلبتين من الوقت. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٢٧٨) .
[ (٤) ] حذم: قطع. (الصحاح، ص ١٨٩٥) .