وامتنعوا، فلم يكن لى بدّ- إذا امْتَنَعُوا- مِنْ قِتَالِهِمْ، فَأَسَرْتهمْ ثُمّ حَمَلْتهمْ عَلَى السّيْفِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَيّ رَجُلٍ تَعْلَمُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ؟ قَالَ: أَعْلَمُهُ وَاَللهِ رَجُلًا صَالِحًا. قَالَ: فَهُوَ أَخْبَرَنِي غَيْرَ الّذِي أَخْبَرْتنِي، وَكَانَ مَعَك فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. قَالَ خَالِدٌ: فَإِنّي أَسَتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ. قَالَ: فَانْكَسَرَ عَنْهُ عُمَرُ، وَقَالَ: وَيْحَك، ايتِ رَسُولَ اللهِ يَسْتَغْفِرْ لَك! قَالَ: حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ، قَالَ: لَمّا نَادَى خَالِدٌ فِي السّحَرِ «مَنْ كَانَ مَعَهُ أَسِيرٌ فَلْيُذَافّهِ» أَرْسَلْت أَسِيرِي وَقُلْت لِخَالِدٍ: اتَّق اللهَ، فَإِنّك مَيّتٌ! وَإِنّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ! قَالَ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، إنّهُ لَا عِلْمَ لَك بِهَؤُلَاءِ.
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَإِنّمَا يكلِّمني خَالِدٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ التِّرة عَلَيْهِمْ.
قَالُوا: فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الوليد رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه، وهو يقول: اللهُمّ، إنّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمّا صَنَعَ خَالِد!
وَقَدِمَ خَالِدٌ وَالنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاتِبٌ.
قَالَ: حَدّثَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَخَالِدٍ كَلَامٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ عَبْدُ الرّحْمَنِ، فَمَشَى خَالِدٌ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ إلَى عَبْدِ الرّحْمَنِ، فَاعْتَذَرَ إلَيْهِ حَتّى رَضِيَ عَنْهُ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أَبَا مُحَمّدٍ!
قَالُوا: وَدَخَلَ عَمّارٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ حَمَشَ قَوْمًا [ (١) ] قَدْ صَلّوْا وَأَسْلَمُوا. ثُمّ وَقَعَ بِخَالِدٍ عِنْدَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ، عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَالِدٌ جَالِسٌ لَا يَتَكَلّمُ، فَلَمّا قَامَ عَمّارٌ وَقَعَ بِهِ خَالِدٌ، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ يَا خَالِدُ! لَا تَقَعْ بِأَبِي اليقظان، فإنه
[ (١) ] حمش القوم: ساقهم بغضب. (القاموس المحيط، ج ٢، ص ٢٧٠) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute