للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ يُعَادِهِ يُعَادِهِ اللهُ، وَمَنْ يُبْغِضْهُ يُبْغِضْهُ اللهُ، وَمَنْ يسفِّهه يُسَفّهْهُ اللهُ.

قَالُوا: فَلَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ اسْتَقْرَضَ مَالًا بِمَكّةَ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّا عَلَيْهِ السّلَامُ فَأَعْطَاهُ مَالًا، فَقَالَ:

انْطَلِقْ إلَى بَنِي جَذِيمَةَ واجعل يأمر الْجَاهِلِيّةِ تَحْتَ قَدَمَيْك، فَدِ [ (١) ] لَهُمْ مَا أَصَابَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. فَخَرَجَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بِذَلِكَ الْمَالِ حَتّى جَاءَهُمْ، فَوَدَى لَهُمْ مَا أَصَابَ خَالِدٌ، وَدَفَعَ إلَيْهِمْ مَالَهُمْ، وَبَقِيَ لَهُمْ بَقِيّةُ الْمَالِ، فَبَعَثَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ أَبَا رَافِعٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَزِيدَهُ، فَزَادَهُ مَالًا، فَوَدَى لَهُمْ كُلّ مَا أَصَابَ، حَتّى إنّهُ لَيَدِي لَهُمْ مِيلَغَةَ [ (٢) ] الْكَلْبِ، حَتّى إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْءٌ يَطْلُبُونَهُ بَقِيَ مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بَقِيّةٌ مِنْ الْمَالِ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: هَذِهِ الْبَقِيّةُ مِنْ هَذَا الْمَالِ لَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمّا أَصَابَ خَالِدٌ، مِمّا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا تَعْلَمُونَهُ. فَأَعْطَاهُمْ ذَلِكَ الْمَالَ، ثُمّ انْصَرَفَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ. وَيُقَالُ إنّمَا الْمَالُ الّذِي بَعَثَ بِهِ مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ كَانَ اسْتَقْرَضَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ابْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ، وَحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى، فَبَعَثَ مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ، فَلَمّا رَجَعَ عَلِيّ دَخَلَ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مَا صَنَعْت يَا عَلِيّ؟ فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ مُسْلِمِينَ، قَدْ بَنَوْا الْمَسَاجِدَ بِسَاحَتِهِمْ، فَوَدَيْت لَهُمْ كُلّ مَنْ قَتَلَ خَالِدٌ حَتّى مِيلَغَةَ الْكِلَابِ، ثُمّ بَقِيَ مَعِي بَقِيّةٌ مِنْ الْمَالِ فَقُلْت: هَذَا مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لَا يَعْلَمُهُ وَلَا تَعْلَمُونَهُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أَصَبْت! مَا أَمَرْت خَالِدًا بِالْقَتْلِ، إنّمَا أَمَرْته بِالدّعَاءِ.

وَكَانَ رَسُولُ الله صلّى


[ (١) ] فى الأصل: «فدى» .
[ (٢) ] فى الأصل: «مبلغة» . والميلغة: الإناء الذي يلغ فيه الكلب. (النهاية، ج ٤، ص ٢٣٠) .