للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اشْهَدْ! قَالَ: يَقُولُ الرّجُلُ: اللهُمّ لَا تَشْهَدْ! فَضَرَبَ أَبَا عَامِرٍ فَأَثْبَتَهُ، فَاحْتَمَلْنَاهُ وَبِهِ رَمَقٌ، وَاسْتَخْلَفَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَأَخْبَرَ أَبُو عَامِرٍ أَبَا مُوسَى أَنّ قَاتِلَهُ صَاحِبُ الْعِمَامَةِ الصّفْرَاءِ.

قَالُوا: وَأَوْصَى أَبُو عَامِرٍ إلَى أَبِي مُوسَى، وَدَفَعَ إلَيْهِ الرّايَةَ وَقَالَ: ادْفَعْ فَرَسِي وَسِلَاحِي لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقَاتَلَهُمْ أَبُو مُوسَى حَتّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَقَتَلَ قَاتِلَ أَبِي عَامِرٍ، وَجَاءَ بِسِلَاحِهِ وَتَرِكَتِهِ وَفَرَسِهِ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: إنّ أَبَا عَامِرٍ أَمَرَنِي بِذَلِكَ، وَقَالَ: قُلْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ لِي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمّ قَالَ: اللهُمّ اغْفِرْ لِأَبِي عَامِرٍ، وَاجْعَلْهُ مِنْ أَعْلَى أُمّتِي فِي الْجَنّةِ! وَأَمَرَ بِتَرِكَةِ أَبِي عَامِرٍ فَدُفِعَتْ إلَى ابْنِهِ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّي أَعْلَمُ أَنّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لِأَبِي عَامِرٍ، قُتِلَ شَهِيدًا، فَادْعُ اللهَ لِي. فَقَالَ: اللهُمّ اغْفِرْ لِأَبِي مُوسَى، وَاجْعَلْهُ فِي أَعْلَى أُمّتِي!

فَيَرَوْنَ أَنّ ذَلِكَ وَقَعَ يَوْمَ الْحَكَمَيْنِ.

قَالُوا: وَاسْتَحَرّ الْقَتْلُ فِي بَنِي نَصْرٍ، ثُمّ فِي بَنِي رِبَابٍ [ (١) ] ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ- وَكَانَ مُسْلِمًا- يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتْ بَنُو رِبَابٍ.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمّ، اُجْبُرْ مُصِيبَتَهُم!

وَوَقَفَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ عَلَى ثَنِيّةٍ مِنْ الثّنَايَا مَعَهُ فُرْسَانٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ.

قِفُوا حَتّى يَمْضِيَ ضُعَفَاؤُكُمْ تَلْتَمّ أُخْرَاكُمْ. وَقَالَ: اُنْظُرُوا مَاذَا تَرَوْنَ. قَالُوا:

نَرَى قَوْمًا عَلَى خُيُولِهِمْ وَاضِعِينَ رِمَاحَهُمْ عَلَى آذَانِ خُيُولِهِمْ. قَالَ: أُولَئِكَ إخْوَانُكُمْ بَنُو سُلَيْمٍ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ بَأْسٌ، انظروا ماذا ترون. قالوا:


[ (١) ] فى الأصل: «فى بنى ركاب» ، وما أثبتناه عن ابن سعد. (الطبقات، ج ٢ ص ١١٠) .