للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَبْلِهِمْ سَاعَةَ نَزَلْنَا شَيْءٌ اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، كَأَنّهُ رِجْلٌ [ (١) ] مِنْ جَرَادٍ- وَتَرّسْنَا لَهُمْ- حَتّى أُصِيبَ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِجِرَاحَةٍ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُبَابَ فَقَالَ: اُنْظُرْ مَكَانًا مُرْتَفِعًا مُسْتَأْخِرًا عَنْ الْقَوْمِ.

فَخَرَجَ الْحُبَابُ حَتّى انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ مَسْجِدِ الطّائِفِ خَارِجٍ مِنْ الْقَرْيَةِ، فَجَاءَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَحَوّلُوا. قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ: إنّي لَأَنْظُرُ إلَى أَبِي مِحْجَنٍ يَرْمِي مِنْ فَوْقِ الْحِصْنِ بِعِشْرَتِهِ [ (٢) ] بِمَعَابِلَ [ (٣) ] كَأَنّهَا الرّمَاحُ، مَا يَسْقُطُ لَهُ سَهْمٌ. قَالُوا:

وَارْتَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَسْجِدِ الطّائِفِ الْيَوْمَ. قَالُوا:

وَأَخْرَجُوا امْرَأَةً سَاحِرَةً، فَاسْتَقْبَلَتْ الْجَيْشَ بِعَوْرَتِهَا- وَذَلِكَ حِينَ نَزَلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْفَعُونَ بِذَلِكَ عَنْ حِصْنِهِمْ. فَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَكَمَةَ، وَمَعَهُ امْرَأَتَانِ [ (٤) ] مِنْ نِسَائِهِ أُمّ سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ، وَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إلَى الْحِصْنِ، فَخَرَجَ قُدّامَ النّاسِ يَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ [ (٥) ] بْنِ الْأَسْوَدِ عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ ثَقِيفًا الْأَمَانَ يُرِيدُ يُكَلّمُهُمْ، فَأَعْطَوْهُ الْأَمَانَ، فَلَمّا دَنَا مِنْهُمْ رَمَوْهُ بِالنّبْلِ فَقَتَلُوهُ. وَخَرَجَ هُذَيْلُ بْنُ أَبِي الصّلْتِ أَخُو أُمَيّةَ بْنِ أَبِي الصّلْتِ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ، وَلَا يَرَى أَنّ عِنْدَهُ أَحَدًا. وَيُقَالُ: إنّ يَعْقُوبَ بْنَ زَمْعَةَ كَمَنَ لَهُ فَأَسَرَهُ حَتّى أَتَى بِهِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَاتِلُ أَخِي يَا رسول الله! فسر رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُتِيَ بِهِ إلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ


[ (١) ] فى الأصل: «زجل من جراد» ، وما أثبتناه عن الزرقانى. (شرح على المواهب اللدنية، ج ٣، ص ٣٥) . والرجل: الكثير. (النهاية، ج ٢، ص ٧٠) .
[ (٢) ] العشرة: الصحبة. (النهاية، ج ٣، ص ٩٨) .
[ (٣) ] المعابل: نصال عراض طوال، الواحدة معبلة. (النهاية، ج ٣، ص ٦٣) .
[ (٤) ] فى الأصل: «امرأتين» .
[ (٥) ] فى الأصل: «يريدون ربيعة بن الأسود» .