للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب لزوجتيه قبّتين، تم كَانَ يُصَلّي بَيْنَ الْقُبّتَيْنِ حِصَارَ الطّائِفِ كُلّهُ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي حِصَارِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَالَ قَائِلٌ: تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَالَ قَائِلٌ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكُلّ ذَلِكَ وَهُوَ يُصَلّي بَيْن الْقُبّتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. فَلَمّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ، بَنَى أُمَيّةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبِ بْنِ مُعَتّبِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى مُصَلّى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ فِيهِ سَارِيَةٌ لَا تَطْلُعُ الشّمْسُ عَلَيْهَا مِنْ الدّهْرِ إلّا يُسْمَعُ لَهَا نَقِيضٌ [ (١) ] أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ مِرَارٍ، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنّ ذَلِكَ تَسْبِيحٌ.

فَنَصَبَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْجَنِيقَ. قَالَ: وَشَاوَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ الْفَارِسِيّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَى أَنْ تَنْصِبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى حِصْنِهِمْ، فَإِنّا كُنّا بِأَرْضِ فَارِسَ نَنْصِبُ الْمَنْجَنِيقَاتِ عَلَى الْحُصُونِ وَتُنْصَبُ عَلَيْنَا، فَنُصِيبُ مِنْ عَدُوّنَا وَيُصِيبُ مِنّا بِالْمَنْجَنِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْجَنِيقُ طَالَ الثّوَاءُ [ (٢) ] . فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمِلَ مَنْجَنِيقًا بِيَدِهِ، فَنَصَبَهُ عَلَى حِصْنِ الطّائِفِ. وَيُقَالُ: قَدِمَ بِالْمَنْجَنِيقِ يَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ وَدَبّابَتَيْنِ، وَيُقَالُ: الطّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ:

خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ قَدِمَ مِنْ جُرَشَ بِمَنْجَنِيقٍ وَدَبّابَتَيْنِ. وَنَثَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَكَ [ (٣) ] شِقّتَيْنِ- حَسَكٌ مِنْ عَيْدَانَ- حَوْلَ حِصْنِهِمْ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ تَحْتَ الدّبّابَةِ، وَهِيَ مِنْ جُلُودِ الْبَقَرِ- وَذَلِكَ يَوْمٌ يُقَالُ لَهُ الشّدْخَةُ.


[ (١) ] النقيض: الصوت. (الصحاح، ص ١١١١)
[ (٢) ] الثواء: الإقامة. (شرح على المواهب اللدنية، ج ٣، ص ٣٧) .
[ (٣) ] الحسك: نبات تعلق ثمرته بصوف الغنم، يعمل على مثال شوكه أداة للحرب من حديد أو قصب فيلقى حول العسكر ويسمى باسمه. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٢٩٨) .