للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الطحاوي في "بيانِ المشكلِ ": ((فكأنَّ الذي في هذا الحديثِ إثباتُ مراتبِ أعلى الصدقِ لأبي ذرٍّ - رضي الله عنه -، وليسَ فيهِ نفيُ غيرهِ مِنْ تلكَ المرتبةِ، إنّما فيهِ نفيُ غيرهِ أَنْ يكونَ في مرتبةٍ مِنْ مراتبِ الصدقِ أعلى منها)) (١). انتهى (٢).

وعلى هذا يحملُ قولُ مَنْ نحى هذا المنحى في العبارةِ.

قالَ بعضُ أصحابنا: قال النوويُّ: ((ورُوِّينا عنِ الإمامِ أبي عبدِ الرحمانِ النسائيِّ أنَّهُ قالَ: ما في هذهِ الكتبِ كلِّها أجودُ مِنْ كتابِ البخاريِّ)) (٣) (٤). انتهى. وأما قولُ الطبني: إنَّ بعضَ مشايخهِ كانَ يفضلُ " صحيحَ مسلمٍ " (٥)، فالتفضيلُ لا ينحصرُ في الأصحيةِ، فيحملُ على ما قالَ ابنُ الصلاحِ، وعلى جمعِ مسلمٍ لطرقِ الحديثِ في مكانٍ واحدٍ، فتجتمعُ ألفاظُ الحديثِ جميعها؛ ولأجلِ ذَلِكَ جعلَ الحميديُّ، وعبدُ الحقِّ لفظَ مسلمٍ أصلاً في جمعهما بين "الصحيحينِ"، ثمَّ يُبينانِ ما خالفَ ذلكَ منْ لفظِ البخاريِّ، فإنَّ نقلَ الحديثِ منْ موضعٍ واحد أهونُ (٦).

هذا هوَ اللائقُ بالانفصالِ عن ذَلِكَ.


(١) شرح مشكل الآثار ٢/ ١٢ عقب (٥٣٤).
(٢) من قوله: ((وقال الطحاوي .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(٣) شرح صحيح مسلم ١/ ١٦.
(٤) من قوله: ((وقال بعض أصحابنا ..... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(٥) انظر: إكمال المعلم ١/ ٨٠.
(٦) هذا الكلام فيه نظر بالنسبة للحميدي؛ إذ إنه قال في مقدمة كتابه " الجمع بين الصحيحين " ١/ ٧٥: ((وربما أوردنا المتن من ذلك بلفظ أحدهما، فإن اختلفا في اللفظ واتفقا في المعنى أوردناه باللفظ الأتم، وإن كانت عند أحدهما فيه زيادة وإن قلت، نبهنا عليها، وتوخينا الاجتهاد في ذلك .... )) فهذا يدل على عدم التزام الحميدي لما نسب له البقاعي هنا، ولعل البقاعي قلد غيره في ذلك. أما كتاب عبد الحق فلم نطلع عليه لنحكم فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>