للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرّاوي عنهُ لشكٍّ حصلَ لَهُ في عبارتِهِ فيمكنُ أنْ يكونَ أرادَ بالقربِ قلّةَ الوسائطِ.

وبالقربةِ: المحصلِ للثوابِ وأنْ يكونَ معناهُ في كلا اللفظينِ التقرّبَ الذي يُوصِلُ إلى الثوابِ، وهوَ في لفظِ القربةِ / ٢٥٤ أ / أظهرُ، ويمكنُ أنْ يكونَ المرادُ بكلٍّ: قلّةَ الوسائطِ بينَهُ وبينَ اللهِ تعالى؛ لأنّ مَا أُخِذَ عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فهو مأخوذٌ عن جبريلَ - عليه السلام -، عن اللهِ ربِّ العالمينَ.

ولفظُ القربِ بهِ أجدرُ، وكلامُ ابنِ الصلاحِ ظاهرٌ في هذا الثاني فإنّهُ قالَ: ((وهذا كَما قالَ؛ لأنَّ قُرْبَ الإسْنادِ قُرْبٌ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والقُرْبُ إليه قُربٌ إلى اللهِ - عز وجل -)) (١).

وقالَ ابنُ دقيقِ العيدِ: ((قدْ عظُمتْ رغبةُ المتأخرينَ في طلبِ العلوِّ، حتى كانَ ذلكَ سَبباً لخللٍ كثيرٍ في الصنعةِ، وقالوا: العُلوُّ قرب مِنَ اللهِ تعالى، وهذا كلامٌ يحتاجُ إلى تحقيقٍ وبحثٍ - كأنَّه يُشيرُ إلى أنَّا إن حملناهُ على قلةِ عددِ الرجالِ فكذلكَ، فدارَ الأمرُ على الصحةِ فلا يَنْبغي البحثُ عَنْ غيرِها (٢) - وقالَ بعضُ الزُّهادِ: طلبُ العُلوِّ منْ زينةِ الدُنيا (٣). وهذا كلامٌ واقعٌ، وهو الغالبُ عَلَى الطَّالبين لذلكَ، ولا أعلمُ وجهاً جيِّداً لترجيحِ العلوِّ، إلا أنَّهُ أقربُ إلى الصحةِ وقلةِ الخَطأ، فإنَّ الطالبينَ يتفاوتونَ في الإتقان، والغالبُ عَدَم الإتقان في أبناءِ الزمانِ، فإذا كثُرت الوسائطُ ووقَعَ مِن كُلِّ واسطةٍ تساهلٌ ما، كثُر الخطأُ والزَللُ)) (٤).

قولُهُ: (في مَجيءِ الأعْرَابيِّ) (٥) هو ضِمامُ بنُ ثعلبةَ (٦) روى حديثَهُ


(١) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٦٤.
(٢) ما بين الشارحتين جملة اعتراضية من البقاعي.
(٣) انظر: الجامع لأخلاق الراوي: ٣٨ - ٣٩، وفتح المغيث ٣/ ٧.
(٤) الاقتراح: ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٥) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٥٩.
(٦) انظر: الاستيعاب: ٣٥٥ - ٣٥٦ (١٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>