للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل جاءتك مغربة خبر، وهو الخبرُ الذي يطرأُ عليك منْ بلد سوى بلدكَ، والتغربُ: التروحُ عنِ الوطن، وقد غرّبهُ الدهرُ، والغُربةُ والغُرب - بالضمِّ - والاغترابُ، ووجه تسمية الفردِ في الاصطلاحِ بالغريبِ، والمناسبةِ المصححةِ لنقلهِ من اللغةِ إليهِ، أنَّ الغريب مِنْ شأنه: الانفراد عن أهله، ومَنْ يعاشره كما انفردَ عن وطنهِ، وغريبُ الحديثِ / ٢٦٣ أ / كذلكَ في الانفرادِ.

قولُهُ: (مُطْلَقاً) (١) حال لضمير ((يغرب) أي: ذلك الحديثُ حالَ كونِهِ مطلقاً في غرابته، غير مقيد بشيخٍ، ولا إسنادٍ، ولا متنٍ، بل يكونُ في غرابتهِ أعمَّ مِنْ ذلك كلّهِ، وإسناداً تميز، أي: من جهةِ الإسناد.

قولُهُ: (فَقَدْ) (٢)، أي: فقط، بمعنى: فحسب، قال أهل اللغة: ويكون قد بمعنى حسب، فالمعنى فغرابتهُ من جهةِ الإسناد كافيةٌ في تسميتهِ غريباً، ولا يحتاجُ في ذلك إلى وجودِ غرابةٍ فيه مِنْ غير جهة الإسناد.

قولُهُ في شرحِ ذلكَ: (في متنِهِ) (٣)، أي: يزيد بعض الرواة فيه لفظة فما فوقها منفرداً بها عنْ غيره منْ رواته، وكذا في السند، قال ابنُ كثير: ((قَدْ تكُونُ فِي المَتْنِ كأنْ يَنفرد (٤) بِرِوايَتِهِ واحدٌ أو مِنْ بَعْضِهِ، كَمَا إِذَا زَادَ فِيهِ وَاحِدٌ زِيَادَةً لَمْ يَقُلْهَا غَيْرهُ، وَقَدْ تكوُنُ في الإسْنَادِ كَمَا إذَا كَانَ أصْلُ الحَدِيثِ مَحْفُوظاً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، أوْ وُجُُهٍ، وَلَكنَّهُ بِهَذَا الإِسْنَاد غَرِيبٌ)). (٥) انتهى. وفي ما تقدّمَ في أول الكتابِ من الشاذ، وما والاه أمثلة لذلك.


(١) التبصرة والتذكرة (٧٥١).
(٢) التبصرة والتذكرة (٧٥١).
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٧٢، وهذا من كلام ابن الصلاح في " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٧٤.
(٤) في " اختصار علوم الحديث ": ((بأن يتفرد)).
(٥) اختصار علوم الحديث ٢/ ٤٦٠ وبتحقيقي: ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>