للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى منْ عدِّهِ في المحدّثينَ، فذكرهُ معَ الحاكمِ، وابن عبد البَرّ جيّد.

قولُهُ: (أعياهُ تَطَلُّبُهُ) (١) قالَ شيخُنا: قولُهُ هذا بناءً على إيجابهِ اعتبار الإسنادِ منّا إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وسدُهُ بابَ التصحيحِ في هذا الزمانِ كذلكَ؛ لأجلِ طولِ الأسانيد، وتعذّر الاطلاعِ على التراجم حقّ الاطلاعِ (٢)، وهذا غيرُ مسلّمٍ في الكتبِ المشهورةِ النسبةِ إلى مصنفيها المشهورينَ، فإنَّ شهرتَها أغنتْ عن اعتبارِ السندِ منَّا إليهم، ومَتى نظرنا إلى الأحاديثِ باعتبارِ أسانيدِهم فقط، ولم نلتفتْ إلى خصوصِ الإسنادِ الموصلِ لنا إلى ذلكَ الكتابِ، وحدُّ المتواترِ فيها بكثرةٍ، فقال (٣): ((قَوله: ومَنْ سُئِلَ عَنْ إِبْرَازِ مِثالٍ لِذَلِكَ فيما يُرْوى مِنَ الحديثِ أعياهُ تَطَلُّبُهُ، وحديث ((إنَّمَا الأَعْمالُ بالنِّيَّاتِ)) ليسَ مِنْ ذَلِكَ بِسبيلٍ، وإنْ نَقَلَهُ عَدَدُ التَّواتُرِ وزِيادةٌ؛ لأنَّ ذَلِكَ طَرَأَ عليهِ في وَسَطِ إسنادِهِ، ولَمْ يُوجَدْ في أوائِلِهِ عَلَى ما سَبَقَ ذِكْرُهُ، نَعَم حديثُ)) ثمّ ذكرَ بقيةَ كلامِهِ كما في الشرحِ سواء، إلى أنْ قالَ: ((وفيه أُمورٌ: الأول: أَنَّه قد اعترضَ عليه بأنّ حديثَ الأعمالِ ذكر ابن منده أَنَّ جماعة من الصحابة يرووه، فبلغوا العشرين، قلت: لم يبلغ بهم ابن منده هذا العددَ، وإنّما بلغَ بهم ثمانيةً عشرَ فقط، فذكرَ مجردَ أسمائهم مِنْ غيرِ روايةٍ لشيءٍ منها، ولا عزو لمن رواهُ، وليسَ هو أبا

عبدِ اللهِ محمّد بن إسحاقَ بن منده، وإنّما هو [ابنُهُ] (٤) أبو القاسم عبدُ الرحمان (٥)


(١) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٨١، وهذا من كلام ابن الصلاح في " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٧٣.
(٢) وقد تقدم لي أكثر من مرة أنَّ ابن الصلاح لم يرد غلق باب التصحيح والتضعيف إنما أراد صعوبة الأمر والتشديد والتعسير في قضية الحكم على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً، لما يترتب على ذلك من تبعات أمام الله عزوجل.
(٣) أي: العراقي، وكلامه في " التقييد والإيضاح": ٢٦٦.
(٤) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، وأثبته من " التقييد والإيضاح ".
(٥) وهو الشيخ الإمام المحدّث الكبير عبد الرحمان بن الحافظ الكبير محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي، أبو القاسم الأصبهاني، كان صاحب خلق وفتوة وسخاء وبهاء، توفي سنة (٤٧٠ هـ‍). انظر: الكامل في التاريخ ١٠/ ١٠٨، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>