للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ الأثيرِ لا يقاسُ بها شئٌ من هذا في الجمعِ، ولا في الترتيبِ.

قولُهُ: (ابن قُرَيْبٍ) (١) وهو مصغر، القربُ ضد البعدِ، يعني: أنَّ الأصمعيَّ صنَّف في غريب الحديث، ولا منافاةَ بينه وبين ما يأتي عنهُ، أنَّه قال: ((أنا لا أفسرُ حديثَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -)) (٢)، لأنَّه يحتمل أنْ يكون قال ذلكَ أوَّلاً، ثمَّ رأى منْ يجترئ على حملِ شئ منَ الغريب على ما يتحققُ خطأ، فرأى المصلحةَ في التفسيرِ، أو يكونُ ماشياً في ذلك على سننِ ما نقلَ، وهو أنَّه يذكرُ اللفظةَ، وتقولُ العربُ: نريد بهذه اللفظةِ عند إطلاقِها كذا.

قولُهُ: (واستمرت الحالُ) (٣) يوهم أنَّ بينَ الزمنينِ أمداً بعيداً، وليسَ كذلكَ، فالمذكورونَ كلهم منْ أصاغرِ مشايخِ أبي عبيدٍ، وكلهم بقوا إلى بعدَ المئتينِ، لا كما يوهمُهُ كلامه إلا أنْ يحملَ على بعدِ ما بينَ التصنيفينِ، ويكونُ ذلك على حذف مضاف، تقديرُهُ: ((واستمرَ الحالُ / ٢٧٢ ب / إلى زمنِ تصنيفِ أبي عبيدٍ))، وكتابُ أبي عبيد على نمط ما قبله؛ لأنهم كانوا يغتنون عنِ الترتيبِ بالحفظِ، ورتبهُ الشيخُ موفق الدين بنُ قدامةَ على الحروفِ.

قولُهُ: (كتابُهُ المشهورُ) (٤) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((فجمعَ، وأجادَ، واستقصى، فوقعَ من أهلِ العلمِ بموقعٍ جليلٍ، وصارَ قُدوةً في هذا الشأنِ)) (٥). انتهى.

وهذا المدحُ بالنسبةِ إلى ما تقدمَهُ من الكتبِ، فإلى أنْ قالَ عن النضرِ ومعمرٍ: ((وكتاباهما صغيرانِ)) (٦).


(١) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٨٥.
(٢) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٨٧.
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٨٥.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٨٥.
(٥) معرفة أنواع علم الحديث: ٣٧٦.
(٦) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>