للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ ما في كتابِ البخاري ومسلمٍ مما حكمنا بصحتهِ من قولِ النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لما ألزمتُهُ الطلاقَ، ولا حنثتهُ؛ لإجماعِ علماءِ المسلمينَ على صحتهما، ثمَّ قالَ الشيخُ أبو عمرٍو (١): ولقائلٍ أنْ يقولَ: إنَّهُ لا يحنثُ، ولو لم يجمعِ المسلمونَ على صحتهما؛ للشكِّ في الحنثِ، فإنَّهُ لو حلفَ بذلكَ في حديثٍ ليسَ هذهِ صفتهُ لم يحنثْ، وإنْ كانَ راويهِ فاسقاً، فعدمُ الحنثِ حاصلٌ قبلَ الإجماعِ، فلا يضافُ إلى الإجماعِ، ثمَّ قالَ -: والجوابُ أنَّ المضافَ إلى الإجماعِ هوَ القطعُ بعدمِ الحنثِ ظاهراً، وباطناً.

وأمّا عندَ الشكّ فمحكومٌ بهِ ظاهراً، معَ احتمالِ وجودهِ باطناً، فعلى هذا يحملُ كلامُ إمامِ الحرمينِ، فهوَ الأليقُ بتحقيقهِ.

وقالَ النوويُّ في "شرحِ مسلمٍ" (٢): ما قالهُ الشيخُ في تأويلِ كلامِ إمامِ الحرمينِ في عدمِ الحنثِ فهوَ بناء على ما اختارهُ الشيخُ، وأما على مذهبِ الأكثرينَ، فيحتملُ أنَّهُ أرادَ أنَّه لا يحنثُ ظاهراً، ولا يستحبُّ له التزامُ الحنثِ حتى يستحبَّ له الرجعةُ، كما إذا حلفَ بمثلِ ذلكَ في غيرِ الصحيحينِ فإنّا لا نحنثهُ، لكن تستحبُ له الرجعةُ احتياطاً؛ لاحتمالِ الحنثِ، وهو احتمالٌ ظاهرٌ، قالَ: وأمَّا الصحيحانِ فاحتمال الحنثِ فيهما في غايةِ الضعفِ، فلا يستحبُّ له الرجعةُ (٣)؛ لضعفِ احتمالِ موجبها (٤))) (٥).

قولهُ: (وإن يكن أولُ الإسنادِ حذفَ) (٦) إلى آخرهِ، نَصَبَ ((تعليقاً)) إما على نزعِ الخافضِ، أي: عُرفَ بالتعليقِ، أو إنَّهُ /٥٢أ / ضَمَّنَ ((عُرفَ)) معنى ((سمي)


(١) جاء في حاشية (أ): ((هو ابن الصلاح)). ولا يزال الكلام للعراقي.
(٢) شرح صحيح مسلم ١/ ٢١.
(٣) في شرح صحيح مسلم: ((المراجعة)).
(٤) من قوله: ((قوله: دون التراجم ونحوها ... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(٥) التقييد والإيضاح: ٣٩.
(٦) التبصرة والتذكرة (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>