للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنَّ قولَ الخطيبِ (١): ((ما اتصلَ إسنادهُ إلى منتهاهُ)) يشملُ ما لو اتصلَ سندهُ مثلاً إلى نحوِ مالكٍ، وانقطعَ عندهُ، فكأنَّهُ يقولُ: إنَّ عبارةَ الخطيبِ قاصرةٌ يدخلُ فيها ما صرَّحوا بأنَّه لا يدخلُ في المتصلِ، فكان من حقهِ أنْ يُخرجَهُ بأنْ يقولَ: ما اتصلَ إسنادهُ إلى من فوقَ التابعي، أو نحو ذلكَ من العباراتِ، هكذا قالَ شيخُنا.

وللخطيبِ أنْ يقولَ: إني إنَّما أُكلمُ القومَ بلسانهم، لا بلسانِ أهلِ اللغةِ، فكيفَ يدخلُ المقطوعُ (٢)؟

قالَ: ومحصِّلُ هذا أنَّ بعضَ أهلِ الحديثِ جعلَ المسندَ من صفاتِ المتنِ، وهو القولُ الأولُ (٣)، فإذا قيلَ: ((هذا حديثٌ مسندٌ)) علمنا أنَّهُ مضافٌ إلى النبيِّ

- صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ قد يكونُ معضلاً، أو مرسلاً، إلى غيرِ ذلكَ.

قالَ بعضُ أصحابنا (٤): وكلامُ الدارَقطنيِّ منطبقٌ عليهِ، حيثُ قالَ في جوابِ سؤالِ الحاكمِ / ٩٦ أ / عن سعيدِ بنِ عبيد اللهِ الثقفيِّ: ((هذا ابنُ عبيدِ اللهِ ابنِ جبيرِ بن حيةَ، وليسَ بالقويِّ، يحدّثُ بأحاديثَ يسندُها، ويقِفها غيرُهُ)) (٥). انتهى.

وبعضُهم جعلهُ من صفاتِ الإسنادِ، وهوَ القولُ الثاني، فإذا قيلَ: ((هذا مسندٌ)) علمنا أنَّهُ لا بدَّ وأنْ يكونَ متصلَ الإسنادِ، ثمَّ قدْ يكونُ موقوفاً، وقد يكونُ مرفوعاً.


(١) في (ف): ((الخطابي)).
(٢) من قوله: ((هكذا)) إلى هنا سقط من (أ) و (ب) و (ف)، وألحق بالحاشية مع ذكر علامة التصحيح.
(٣) إلى هذا القول ذهب ابن عبد البر، إذ عرّف المسند بأنّه: ((ما رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة)). التمهيد ١/ ٢١.
(٤) منهم السخاوي رحمه الله. انظر: فتح المغيث ١/ ١١٨.
(٥) سؤالات الحاكم للدارقطني: ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>