للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي هريرةَ؛ فتبينَ أنَّ الساقطَ اثنانِ متواليانِ، وهذا يؤيدُ ما أسلفنا في الإسنادِ الذي فيهِ راوٍ مبهمٌ مثل ((رجل))، من أنَّهُ لا يُسمَّى متصلاً فيهِ مبهمٌ إلا إذا صرَّحَ ذلكَ المبهمُ بالتحديثِ ممن فوقهُ؛ لأنَّ مالكاً أخذَ عن أصحابِ أبي هريرةَ.

وقولهُ هنا: (بلغني) (١) يعني: من مُبَلِّغ، فهو مبهمٌ، فلو لم يشترطِ التحديثَ لقلنا متصلٌ، فإنَّهُ كثيراً ما يكونُ بينهُ وبينَ أبي هريرةَ واحدٌ فقط، وقد تبيّنَ بخلافِ ذلكَ، وأنَّ بينهما اثنينِ، وبهذا يندفعُ ما استُشكِلَ بهِ قولُ أبي نصرٍ من أنَّه يجوزُ أنْ يكونَ الساقطُ بينَ مالكٍ وبينَ أبي هريرةَ واحداً؛ لسماعِ مالكٍ من سعيدٍ المقبري، ونعيمِ المجمرِ، ومحمدِ بنِ المنكدرِ، وغيرِهم من أصحابِ أبي هريرةَ، واللهُ الموفقُ.

قوله: (من قبيلِ المعضلِ) (٢) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((لما تقدمَ)) (٣)، أي: من سقوطِ اثنينِ فصاعداً من إسنادهِ. انتهى.

وهو من قبيلِ المعلقِ أيضاً، ولا يختصُّ بقولهم: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، بل لو قالَ أحدُهم: قالَ الشافعيُّ، أو مالكٌ مثلاً لكانَ الحكمُ كذلكَ.

قال ابنُ الصلاحِ: ((وسماهُ الخطيبُ أبو بكرٍ الحافظُ في بعضِ كلامهِ مرسلاً، وذلكَ على مذهبِ مَن يُسمِّي كلَّ ما لا يتصلُ إسنادهُ مرسلاً كما سبقَ)) (٤).

قوله: (ومنه قسمٌ ثانٍ) (٥) هذا له شرطانِ:

أحدهما: أنْ يجيءَ مسنداً من طريقِ ذلكَ الذي وُقِفَ عليهِ. (٦)


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٧.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢١٨.
(٣) معرفة أنواع علم الحديث: ١٣٨.
(٤) معرفة أنواع علم الحديث: ١٣٨.
(٥) التبصرة والتذكرة (١٣٤).
(٦) بدل هذا في (ب): ((قوله)).

<<  <  ج: ص:  >  >>